IMLebanon

بعد الرئاسة… الانتخابات النيابية على الأبواب هل يمدّد مجلس النواب لنفسه مرّة ثانية؟

لم يكن منتقدو اقتراح رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون إجراء تعديل دستوري، من فريق 14 آذار فقط، بل إن بعض حلفائه في فريق 8 آذار لا يوافقونه الرأي وإن من دون تعليق، تاركين الأمر على همّة الخصوم الذين تولوا تشريح الاقتراح وانتقاده شكلاً ومضموناً وتوقيتاً. ولعل خير تعبير عن ردّة الفعل المباشرة جاء من خلال سؤالين: الأول، هل كان “الجنرال” ليقدم على هذا الاقتراح لو أنه حصل على وعد بدعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية من رئيس الكتلة الأكبر في مجلس النواب، سعد الحريري؟ والثاني: ماذا لو اختار الناخبون المسيحيون بحسب الاقتراح المذكور مرشحاً رئاسياً بنسبة 80 في المئة، ثم جاءت نتيجة التصويت على مستوى الناخبين اللبنانيين عموماً لمصلحة المرشح الآخر، هل يكون المسيحيون هم من يختارون رئيس الجمهورية؟

على كل حال، هو ليس الاقتراح الأول لتعديل الدستور من أحد رموز الطبقة السياسية أو من رئيس تكتل نيابي، ولكن الاقتراح الأخير بدا ملتبساً أو “مشبوهاً” في نظر البعض، أقلّه من حيث التوقيت، لكون صاحبه مرشحاً جديّاً للرئاسة، فبدا كأنه “يفصّل” دستوراً على قياسه بهدف الفوز بالرئاسة.

ومن خارج السجال بين 8 و14 آذار، وفي محاولة للإضاءة على رأي دستوري متجرّد، سألت “النهار” الخبير الدستوري الدكتور خالد قباني، عن الاقتراح المذكور، فأعتبر أنه “من الناحية الدستورية، هو اقتراح تعديل في الدستور يؤدي إلى تغيير النظام السياسي بكامله، من نظام ديموقراطي برلماني إلى نظام رئاسي، في حين أن تغيير النظام السياسي في لبنان أمر غير مطروح في الظروف التي نعيشها، وهذا الاقتراح غير عملي وغير قابل للتحقيق، فهو يتطلب مناخات وظروفاً معينة وإرادة جماعية ووفاقية ودراسات جديّة.

ومن جهة أخرى، فإن المطلب الأساسي والمنطقي اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية وفقاً لأحكام الدستور القائم، وأوضاع البلاد لم تعد تحتمل تأخيراً أو تأجيلاً لهذا الاستحقاق، إذ يتوقف عليه استقرار العمل في المؤسسات الدستورية وعودتها إلى ممارسة عملها بصورة طبيعية. إن عدم وجود رئيس للجمهورية أحدث إرباكاً وقلقاً وهواجس حول الكثير من الأمور وحول ممارسة الحكم”.

وتعليقاً على ربط البعض الانتخابات الرئاسية في لبنان بالأوضاع في المنطقة، يلفت قباني إلى أن “الأوضاع الإقليمية مضطربة وشائكة، وليس واضحاً أن هناك حلولاً لها في المدى القريب، ولا يمكن لبنان أن ينتظر انهاء هذه الأوضاع وإيجاد حلول لها لكي ينتخب رئيساً للجمهورية. إن حل المشاكل الاقليمية يتطلب وفاقاً دولياً، فهل يجوز ربط الاستحقاق الرئاسي بهذا الوضع المتحرك والمتغيّر وغير المستقر؟

إن خطورة الوضع الإقليمي وتعقيداته يجب أن تشكل حافزاً لانتخاب رئيس الجمهورية، لكي تكون للبنان القدرة على مواجهة مخاطر التطورات الاقليمية بموقف موحد على صعيد الحكم. هذا الواقع يستوجب انتخاب رئيس في أسرع وقت، لكي تستطيع المؤسسات الدستورية ممارسة عملها بصورة طبيعية، والعمل على تجنيب لبنان مخاطر ما يجري على الصعيد الاقليمي، علماً أن استحقاق الانتخابات النيابية أصبح على الأبواب، ولا يمكن ولا يجوز أن تجرى هذه الانتخابات دون أن يكون هناك رئيس للجمهورية. ثمة مشاكل وتعقيدات دستورية وقانونية وسياسية تحول دون إجراء الانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية. إن أي تفكير في إجراء الانتخابات النيابية قبل انجاز الاستحقاق الرئاسي، هو تعطيل لهذا الاستحقاق وليس تسهيلاً لإنجازه على الاطلاق، فضلاً عن المخاطر التي تصيب الاستقرار الأمني والاقتصادي كما تصيب السلم الأهلي. وبالإضافة إلى ذلك، ولأنه لا يمكن إجراء انتخابات نيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، ولأن عدم اجراء الانتخابات الرئاسية ينسحب بصورة مباشرة على الاستحقاق النيابي، هذا الواقع يدفع البعض إلى طرح فكرة التمديد لمجلس النواب مرّة جديدة، الأمر الذي قد يدفع بالبلاد إلى حافة الهاوية على صعيد مفهوم الديموقراطية وتداول السلطة من جهة، وعلى صعيد مزيد من المخاطر على الأمن والاستقرار الداخليين من جهة أخرى، وهو ما يشكل حجة إضافية ويجعل انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، أمراً ضرورياً وملحاً”.

تجدر الاشارة إلى أن فترة التمديد للمجلس الحالي تنتهي في الخريف المقبل. وقد اتخذ المجلس قرار التمديد لنفسه في جلسة قياسية لم تتجاوز العشرين دقيقة، وكان واضحاً أن قرار التمديد الذي يعتبره الدستوريون في المبدأ “مخالفاً للدستور ولمبادئ الديموقراطية” لم يأت نتيجة “ظروف استثنائية” بل نتيجة خلافات الكتل النيابية والسياسية والحزبية وفشلها في التوصل إلى قانون جديد للانتخابات، وقد تمّ التمديد لمدّة سنة وخمسة أشهر، وبموجبه تم الاتفاق على إجراء الانتخابات تشرين الثاني من العام الحالي، بعدما كان يفترض اجراءها في حزيران 2013، فهل تجرى هذه المرة؟ وهل يسبقها انتخاب رئيس للجمهورية؟ ماذا لو كان الجواب لا؟!