كما هو متوقع، بدأت اسرائيل استخدام صور الدمار والقتل في قطاع غزة، في محاولة منها لارسال رسائل ردع الى الساحة اللبنانية، ولمنع او تأجيل «حرب لبنان الثالثة» مع حزب الله.
الدمار الذي لحق بقطاع غزة لا يقارن بالدمار الذي سيلحق بلبنان إذا نشبت الحرب مع حزب الله. هذه هي رسالة تل ابيب، كما وردت امس في صحيفة «هآرتس». «لا سمح الله»، تشير الصحيفة، إذا نشبت في المستقبل حرب أخرى مع حزب الله، فان النار التي اشعلت في القطاع ستبدو ضئيلة جداً قياساً بقوة النار التي ستفعّلها اسرائيل في لبنان.
تشير رسالة الردع الاسرائيلية الى وجود فروق كبيرة بين العدوان على قطاع غزة وحرب لبنان الثالثة. الحرب ستبدأ بدرجة أعلى بكثير، ومن دون اشارات تحذير مسبقة او هجمات على عقارات فارغة لمكاتب تابعة لحماس، اذ لدى حزب الله والحكومة اللبنانية أملاك ومؤسسات وعقارات كثيرة جداً، وكلها عرضة للهجوم والخسارة: بدءاً من الضاحية الجنوبية وصولا الى البنية التحتية المدنية، كمطار بيروت وشبكة الطرق والمواصلات ومحطات توليد الطاقة، كما ان الوضع في لبنان مغاير لوضع القطاع، اذ «ليس من الممكن دق اسفين بين حماس ونظام الحكم في غزة، لأن حماس نفسها هي النظام هناك
يُجمع كبار قادة الجيشعلى أن حزب الله يتعلم ويُحسن التحليل والاستنتاج
ولفتت الرسالة الاسرائيلية الى ان الحرب مع حزب الله ستتطور الى اكثر بكثير من ذلك قياسا بغزة، اذ ان «منظومة الصواريخ الموجودة في لبنان غير قابلة للمقارنة بما يملكه الفلسطينيون. إذ إن لدى الحزب أكثر من مئة الف صاروخ لمديات مختلفة تغطي كل مساحة اسرائيل، وهي اشد فتكا وأكثر دقة». اما لجهة الدفاع الايجابي في حوزة اسرائيل، فسيكون أقل شمولاً عما حدث في غزة، اذ ان «بطاريات منظومة القبة الحديدية التسع غير كافية لمعالجة تهديد صواريخ حزب الله، وبالتالي فان الجبهة الداخلية ستتلقى الخسائر منذ بداية الحرب». وحول هذا التهديد، فان «اسرائيل لن تنتظر انشاء شرعية دولية كي تتحرك وتستخدم قوتها، اي ان الرد الاسرائيلي سيكون قاسياً، ومنذ اللحظة الاولى، وسلاح الجو سيهاجم بكثافة الى ان تنتشر القوات البرية في الميدان».
لكن ماذا عن أنفاق حزب الله؟ تجيب «هآرتس» بأن ما حدث في غزة يوجب علينا الافتراض بأن الحزب يملك انفاقاً هجومية عابرة للحدود، «فهو سبق أن حفر في الماضي أنفاقاً دفاعية، كان بعضها قريباً من الحدود»، لافتة الى ان «ضابط استخبارات برتبة مقدم، أثار احتمال ان تكون تهديدات الأمين العام لحزب الله (السيد حسن) نصر الله باحتلال الجليل، اشارة منه الى خطط مغايرة عن حرب استنزاف في الحرب المقبلة، وانه يريد ان تبدأ المعركة بالتركيز على الداخل الاسرائيلي، وما انفاق غزة الا دليل على ان السيناريو الشمالي مع حزب الله، يتضمن أيضاً أنفاقاً».
وكتب معلق الشؤون العسكرية في «هآرتس»، عاموس هرئيل، ان الحديث الدائم عن حرب لبنان الثانية وعن الاستعداد لحرب لبنان الثالثة، ليس نتيجة وسواس خاص او عام في اسرائيل، بل هو سياق طبيعي وصحيح، وبناء عليه يجب النظر الى الحرب في غزة، واعتبارها نقطة مقارنة لمواجهة اخرى محتملة في الشمال مع لبنان. وبحسب الكاتب، «واضح جداً أن حزب الله ينظر باهتمام الى ما يحدث في الجنوب (قطاع غزة) ويستخلص الدروس. واذا كان هناك من شيء يُجمع عليه كبار قادة الجيش، فهو أن حزب الله يتعلم ويُحسن التحليل والاستنتاج».
وأشار هرئيل الى وجود نقاط تشابه كثيرة بين لبنان عام 2006 وغزة عام 2014، رغم ان العدو في الساحة اللبنانية كان اقوى، وأن خيبة الامل من نتائج الحرب مع حزب الله كانت اكبر. فالتردد في اتجاهات العملية العسكرية كان مشابها، تماما كما الخشية من الخسائر في العملية البرية، وانتهاء الحربين من دون حسم.