IMLebanon

بعد ٢ آب؟؟

لم يتحول ٢ آب تاريخاً مفصلياً في تفجير انعكاسات الحرب السورية على لبنان من بوابة عرسال بتوقيت رمزي غداة عيد الجيش فحسب، كما اشار الى ذلك البيان الاول لقيادة الجيش عن الهجوم “النصروي” على مواقعه، بل ان رمزيته الأشد خطورة من فتح المواجهة كانت ماثلة في الاول من آب نفسه، بمشهد دولة تواجه كل هذه الأهوال وهي عاجزة عن توفير الغطاء الاعلى للجيش واللبنانيين لن تكفي كل الثرثرات الكلامية بعد الآن ما لم يحدث الانقلاب الناجز الشامل السريع الذي يحبط ما كان متوقعاً منذ أمد طويل.

تختلف المواجهة التي بدأها الجيش في عرسال عن سائر الاختبارات السابقة في زمن الحرب والسلم سواء بسواء. وإذا كان من المسلم به ان حرب ١٩٧٥ شقت الجيش وشلته عن استدراك الحريق الكبير آنذاك فان تجاربه منذ نهاية التسعينات مع التنظيمات الأصولية بدءاً من الضنية مروراً بنهر البارد ومن ثم في عبرا وطرابلس اثبتت ان العبث بنسيجه باتت لعبة خاسرة سلفا. ومع ذلك فان ما بدأ في عرسال يتجاوز اختبار وحدة الجيش التي تشكل صمام الأمان الاساسي الوحيد للمؤسسة العسكرية وللبنانيين جميعا الى حدود تطور لعله الأخطر اطلاقا في تهديد لبنان بالحاقه بدومينو البلدان التي ضربتها العاصفة المتدحرجة. ويقف الجيش في هذا الاختبار المصيري محاصراً بمجموعة مقاتل حقيقية: مقتل ازمة سياسية داخلية يجسدها فراغ رئاسي يكاد يختصر صورة فراغ الدولة وافلاس السياسيين. ومقتل تمدد الجماعات الارهابية المتطرفة المختلطة من نسيج خارجي وافد من سوريا. ومقتل الثقل الهائل للاجئين السوريين الذين قد يكون من بينهم مجموعات بل جيوش جاهزة لتخريب لبنان. ومقتل تورط ” حزب الله ” في الحرب السورية وما تركه ويتركه من تبعات على الجيش على الحدود وفي الداخل. ومقتل تعاطف جماعات سنية لبنانية على خلفيات دينية وسياسية مع الفكر السلفي الأصولي.

ومع ذلك ترانا لا نملك الا الرهان على جبهة لبنانية واسعة مترامية هي الأكبر والأقوى لأنها يفترض ان تتحول الظهر والسند وخط الدفاع الاول والأخير عن “الوجود اللبناني” على ارض لبنان لان الخطر الزاحف يتهدد اللبنانيين في هويتهم ومصيرهم كما في حضارتهم وتعدديتهم. لا يزال لبنان على رغم كل اخطار الأصولية الزاحفة البلد القادر على ان يذيب مدّ الارهاب الإجرامي المحمول بفكر عدمي. ولكن “العدو” صار داخل الحدود ولم يعد قابعاً على الأسوار وعند البوابات. ولعله يتعين على سائر المترفين والمتورطين خارج الحدود وداخلها وكذلك الذين لم يروا بعد خطر تمدد مقتحمي عرسال الى الدواخل ان يستفيقوا قبل فوات الأوان. فما بعد ٢ آب ليس كما قبله اطلاقأ.