زيارة الأراضي المحتلّة على طاولة مجلس المطارنة غداً
بكركي: العمالة واضحة.. و«الرحمة» أيضاً
يتوقف مجلس المطارنة الموارنة يوم غد الأربعاء أمام نتائج زيارة البطريرك بشارة الراعي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلّة وما رافقها من اعتراضات لبنانية، خصوصاً ردود الفعل على الكلام الذي رفض فيه اتهام الفارين إلى الكيان الإسرائيلي بالعمالة، واصفاً إياهم بأنهم «ضحايا».
من كان يظن أن «دملة» اللبنانيين الفارين الى الأراضي الفلسطينية المحتلّة والتي «لم تفقأ» منذ 14 عاماً، لن تطفو على سطح زيارة البطريرك بشارة الراعي الى القدس، أدرك انه كان مخطئاً. فاللحظة التي بدا فيها الراعي الأكثر تأثراً وانفعالاً في كنيسة القديس بطرس في كفر ناحوم كانت تلك التي لفظ فيها خلاصة زيارته: «لا مستقبل من دون مصالحة». في الواقع، كل محطات الزيارة طبعت في نفس البطريرك أثراً عاطفياً وروحانياً عميقاً. «أحسن من هيك زيارة ما بيصير». إنه التوصيف الذي يطلقه الجو المرافق لعودة «سيدنا» الى لبنان. ويزيد: «الزيارة ناجحة بكل المقاييس، والراعي تفقد رعيته كما يملي عليه ضميره والقانون الكنسي». هادئة بكركي الى حد الصمت، وعدم الرغبة في الرد او دخول سجالات. عن عاصفة الانتقادات التي لم تخلُ من تخوينات رافقت الزيارة واستقبلتها، يأتي التعليق: «نحن ننظر الى عاصفة الناس الذين كانوا في استقبال البطريرك في القدس ورووا له قصصهم مع الدولة اللبنانية التي تخلت عنهم لأكثر من 25 سنة وأجبرتهم الظروف على أن يقوموا بما قاموا به كضحايا للجغرافيا والتاريخ».
الجو المرافق للزيارة يحرص على وضع الأمور في نصابها: «لماذا كل هذه الضجة حول الزيارة وتصريحات البطريرك؟ فرئيس الكنيسة المارونية لم يبرئ أحداً كما يحلو للبعض القول. ما حصل في لبنان جميعنا نعرفه جيداً، ونعرف ان الجميع من دون استثناء قد أخطأ. وعلى هذا الأساس حصلت المصالحة في الشوف على سبيل المثال. فهل اللبنانيون في إسرائيل هم أسوأ من الذين حدقوا في عيون الجيش اللبناني وقتلوا ضباطه وعناصره وأنعم عليهم بعدها بقانون عفا الله عما مضى ليتربعوا اليوم على مفاصل الدولة؟». وماذا عن «اللحدي» فيـكتور نادر الذي جاهر لوكالات الأنباء العالمية بأنه «سعيد في إسرائيل وابنه يخدم في الجيش الإسرائيلي». الكنيسة لا تقارب الملف من هذه الزاوية، او على الأصح «بسلّة واحدة». «العمالة» بالنسبة الى البطريرك واضحة كالشمس.. والرحمة أيضاً. من بين كل من انتقد موقفه لم يأت احد على ذكر عبارة «الرحمة» لمن يقول لك إنه «ضحية». «فاللبنانيون المبعدون الى الكيان الاسرائيلي ليسوا جميعاً ضحايا، ولكن ليسوا جميعاً أيضاً عملاء. ومن هنا تكون المصالحة ملحة اكثر من الماضي، لأن تلك العائلات التي يبلغ عددها نحو 500 تنمو وتتكاثر بتنوعها الطائفي. كثيرون من أفرادها أطلعوا البطريرك على اوضاعهم وبأنهم يعيشون في الأراضي المحتلة مرغمين وبغير إرادتهم. من قتل الجيش اللبناني اليوم يحكمنا، فلماذا هذا الجلد؟ ولماذا الصيف والشتاء تحت سقف واحد؟». بحضور نساء هذه العائلات وأطفالها، تحدث البطريرك بتأثر واضح: «أرفض اتهامكم بالعمالة.. أنتم ضحايا». البعض يعتبر انه لم يكن مضطراً لتصريح كهذا، على الأقل أمام عدسات الإعلام، ولكن «الراعي هو الراعي، وإلى متى نستمر في الاختباء خلف إصبعنا». ويخلص الجو المرافق لزيارة البطريرك الى القول: «علينا الاعتراف جميعاً بأن ثمة مشكلة لم تحلّ منذ التحرير. وعلى الدولة ان تتحمل مسؤوليتها تجاه هؤلاء اللبنانيين وتنصف المستحقين منهم وتحاكم العميل الذي لا يطلب العودة، والكنيسة لا تريد عودته أصلاً. من السهل توزيع الانتقادات والمزايدات. فالدولة نفسها كانت تدفع التعويضات المستحقة لأفراد الجيش لغاية العام 2005 عن طريق قبرص ـ حيفا ـ جنوب لبنان. فهل كانت تكافئ عملاء من حيث لا تدري؟».