IMLebanon

بكركي: لا إنتخابات نيابية قبل الرئيس

دخلت الحلبة السياسية اللبنانية مرحلة الركود القاتل، وسط غياب المبادرات الداخلية والإقليمية، وبقاء الوضع على «الستاتيكو» المُعرَّض للانهيار في أيّ لحظة، في وقتٍ طرحَت بكركي استراتيجيّة جديدة قائمة على رفض إجراء الانتخابات النيابية بعكس هوى الأحزاب المسيحيّة، ورفض التمديد أيضاً.

ستكون الإنتخابات النيابية «العلكة» التي تمضغها الطبقة السياسية في المرحلة المقبلة، وستُعلن رفض التمديد لمجلس النوّاب، أو ستدعو إلى إجراء الإنتخابات وفق قانون الستين أو أيّ قانون يُتَّفق عليه. وستشهد الساحة اللبنانيّة عموماً، والمسيحيّة خصوصاً حفلة مزايدات، في وقتٍ تطمح الأحزاب المسيحية إلى خوض غمار «أُمّ المعارك» لتحصين مواقع قوّتها وإثبات قدرتها التمثيلية الواسعة، للقول للرأي العام اللبناني والدولي إنّ المسيحيّين يُريدون الزعيم الأقوى رئيساً.

يترقَّب الشارع المسيحي المحبَط ما ستؤول إليه الإنتخابات النيابية، بعدما فشلَ قادتُه في الاتّفاق على رئيس، ووسط محاولات «حزب الله» ونداءاته المتكرّرة لتسيير عمل مجلس النوّاب بعد التوافق على صيغة عمل الحكومة. ويرى الشارع المسيحي أنّ الرئاستين التابعتين للسُنّة والشيعة، في بلد مقسّم طائفياً، تسيران طبيعياً، بينما المؤسّسات المسيحية في إجازة طويلة، لا تقتصر على الرئاسة الأولى، بل إنّ الهجمة تستهدف مواقعهم الأمنية والوظيفية الأولى.

تردّ بكركي بحزم على مواقف نوّاب «حزب الله» وبعض الشخصيات الذين ينادون بوجوب تسيير عمل المجلس، وتُشدّد مصادرُها لـ«الجمهورية» على أنّ «موقفَها واضح وحازم، والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يُكرّر في عظاته، أنّ المجلس يتحوّل وفق الدستور، بعد الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس، هيئةً ناخبة وليس تشريعيّة، مهمّتُه الوحيدة إنتخاب رئيس، وأيّ محاولة لخرقِ الميثاق وتكريس أعراف جديدة لن نرضى بها وسنقف لها في المرصاد. فموقفنا واضح مثل الشمس، لا مؤسَّسات تعمل بلا رئيس جمهورية»، لافتةً إلى أنّ «كلّ محاولات تخطّي المواقع المارونية ستفشل، وكلّ التصاريح التي تصدر ولا تحترم الميثاق لسنا معنيّين بها».

وتُسجّل بكركي في موقفها الأوّل من الإنتخابات النيابية، رفضاً قاطعاً ومبدئياً لإجرائها في ظلّ غياب رئيس، وتقول مصادرها لـ«الجمهورية»، «إنّنا نرفض بالمبدأ توجّه المواطنين إلى صناديق الإنتخابات النيابية، في وقتٍ لا ينتخب النوّاب رئيساً، فلا ميثاقية للانتخابات النيابية إذا كان الموقع الأوّل للرئاسة شاغراً». هذا الموقف الجديد لبكركي، سيتطوَّر في الأيام المقبلة، لأنّها ترى أنّه من المبكر الحديث عن الإنتخابات النيابية، وهي ترغب في إجرائها اليوم قبل الغدّ. وتعارض بكركي في المقابل، حصول الانتخابات كيفما كان، لأنّها تريد قانوناً يؤمّن صحّة التمثيل المسيحي، وترفض العودة الى قانون الستّين إرضاءً لبعض الزعماء المسيحيّين، لأنّ إجماعاً مسيحياً تكوَّن على رفضه. وتضيف: «من سيَسير به فليتحمّل المسؤولية، إذ إنّ الوقت ليس وقتَ لعب، بل إنّ الشارع المسيحي متعطّش لانتخاب رئيس للجمهورية».

لا ترى بكركي في رفضِها إجراءَ الانتخابات النيابية أيّ مشكلة، حيث تعتبر أنّ التمديد لمجلس النواب هو أمر تقنيّ، وموقفها هذا سيكون مدار بحث في الأروقة السياسية، وسيشكّل ورقة ضغط إضافية لإجراء الاستحقاق الرئاسي. فالنواب سيكونون محرَجين في طلب التمديد لأنفسِهم لأنّهم لا ينتخبون رئيساً، وسيقول السياسيّون إنّ الانتخابات النيابية صعبة في هكذا أجواء، والمعادلة التي تطرحها بكركي هي رفض التمديد ورفض إجراء الإنتخابات، أي إنّ البلد سيصبح في تشرين بلا مجلس نوّاب، وبذلك ستنهار مؤسّسات الدولة، من هنا ترى بكركي أنّ على السياسيين انتخاب رئيس، ليُنتخَب بعدها مجلس نوّاب، وإلّا سنصل إلى الفراغ في مؤسسات الدولة كافّة.

هذه الإستراتيجيّة الجديدة لبكركي، تترافق مع رفض معظم الكتل المسيحية التمديد لمجلس النواب، وعدم معارضة الكتل الإسلامية التمديد، ما يعني أنّ «الحابل إختلط بالنابل»، علماً أنّ كلّ المسائل الشائكة تُحَلّ على الطريقة اللبنانيّة.