IMLebanon

بوادر تهدئة في المنطقة «تطلق» البحث في الملف اللبناني

 

لدى الموفد الدولي لحل الازمة السورية ستيفان دي ميستورا فترة يحاول فيها وضع خطة تحركه، وتكوين ملفه، فضلاً عن فريق عمله. واستناداً الى مصادر ديبلوماسية، سيقوم دي ميستورا بدولة في المنطقة خلال الشهر الجاري، وسيُعد بناء عليها لطرح افكار للحل، وستليها جولة اوروبية يقوم بها.

يستطيع الموفد الدولي تسهيل الحل كما سعى الى ذلك سلفاه قبله الاخضر الابراهيمي، وكوفي انان، اللذان كانت لديهما النية للتوصل الى اتفاق ما. لكن لم تكن هناك معطيات تساعد على التوصل الى الاتفاق، وهذه المعطيات الآن لا تزال غير متوافرة ايضاً. انما سيحاول دي ميستورا الاستمرار في البحث عن حل سياسي، الاميركيون والروس متفقون على ضرورة وجود حل سياسي، لكنهم ليسوا متفقين على نوع الحل وشروطه، الامر الذي اوقف عملية «جنيف 2».

الازمة السورية ليست مهمشة دولياً، انما لم تعد تستحوذ على اولوية الاهتمام الدولي، وفقاً للمصادر. كما ان الصعوبة في انه لا افق اطلاقاً امام الحل للازمة السورية. الاولوية الدولية حالياً، هي لخروج العراق من ازمته، والتوصل الى حل ما في غزة. وبات الوضع السوري واحداً من أزمات المنطقة، التي يتم السعي الى تفاهمات مرحلية حولها الى ان يحين اوان الحلول النهائية.

الوساطة المصرية في غزة قد توصل الى حل موقت فيها ينتج عنه «ستاتيكو» طويل الامد. ويفترض ان يسعى الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي الى الحفاظ عليه في اطار بعض الشروط المقبولة منهما، لاسيما وان المسعى المصري يحاول ايصالهما الى ارض مشتركة، وهذا ما ينتظر تحقيقه.

في العراق ستتضح الصورة اكثر، لدى تشكيل رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي حكومته في مهلة شهر من تسلمه مهامه، حدها الاقصى الثلاثاء المقبل. وسيتضح ما اذا كانت العملية ستواجه عراقيل، وطريقة اداء الحكومة بعد تشكيلها بأشهر. ويكون بالتالي ارسى «ستاتيكو» آخر في العراق يلي غزة، ومن ثم هناك الملف النووي الايراني حيث انه في 24 تشرين الثاني المقبل، هناك استحقاق حول ما اذا كان التفاوض بين الغرب وايران سيوصل الى اتفاق نهائي على ازالة البرنامج نهائياً مقابل رفع كافة العقوبات الدولية نهائياً. وليس مستبعداً ابداً التوصل الى اتفاق، اي ان الامر ليس مضموناً، لكنه مرجح، واذا حصل يعني فتح الباب، امام ترتيبات تطال ما تبقى من ملفات مفتوحة في المنطقة، بحيث يأتي عندها دور الازمة السورية وامكان بحث ارساء حل لها. وبالتالي تعاد الى الواجهة كأولوية في الاهتمام الدولي. فتكون هناك ضمانات ايرانية في الشأن النووي، وفرصة لنجاح العلاقة مع الغرب، ويكون العراق دخل دائرة التهدئة، وتكون غزة قد عادت الى «ستاتيكو» مطلوب على الرغم من الصعوبات، ليعود الملف السوري الاول في الاهتمام الدولي، فيتم البحث عن حلول معينة دولياً واقليمياً.

وتشير هذه المصادر، الى انه لدى التوصل الى التهدئة في ملفات المنطقة وايجاد بوادر حل للازمة السورية، سيتلقى لبنان نتائج هذا المناخ، لأنه الآن يتأثر بأزمات المنطقة لاسيما السورية مع ان جهوداً تبذل على اكثر من مستوى خارجي لتخفيف آثار الازمة السورية عليه. فضلاً عن ان هناك توافقاً خارجياً على منع الانفجار في لبنان، لكن التوصل الى تسوية حقيقية لكافة ملفات لبنان وفي مقدمها الملف الرئاسي مشكوك بحلها قبل اعادة البحث الدولي بالأزمة السورية لذلك لا ترى المصادر، انتخاب رئيس في ايلول. قد يتم التوصل الى بوادر حل بعد ايلول، وهذا ليس مستحيلاً، على ان يصار الى انتخاب رئيس قبل نهاية السنة الحالية. ما يعني ان الوضع لا يسمح بعد بنضوج تسوية في هذا الاطار قريباً.

ولبنان بات تفصيلاً صغيراً في ازمات المنطقة. ذلك ان الدول الاخرى التي تعاني ازمات، هي بالنسبة الى الغرب اهم من ملف لبنان، نظراً الى ثرواتها الطبيعية والنفطية، وعدد سكانها، وموقعها الاستراتيجي وغير ذلك. ما يستدعي اهتماماً دولياً بها اكثر من لبنان، ويبدو ان ملف سوريا اساسي في المرحلة المقبلة.

الامر الايجابي الوحيد اقليمياً ودولياً، وجود نوع من التوافق على إبقاء الوضع اللبناني بعيداً عن الانفجار الكبير. انما بعد مرحلة محددة، ولدى استقرار الملفات المطروحة في المنطقة وحصول بداية تسوية فيها، والضغوط للتوصل الى حلول معينة، من الطبيعي ان يعاد الاهتمام بالملف السوري، ومن ثم باللبناني، وهناك ترابط الى حد كبير، ويستفيد لبنان من اي لحظة توافق دولي اقليمي على حل ممكن للوضع السوري. انها بدايات تسويات هدفها ارساء الاستقرار في المنطقة.