IMLebanon

بيت الطاعة الشيعي!

تتزامن محاولات ترهيب الزميلة حنين غدار مع احتفالات هذا الشهر باليوم العالمي لحرية الصحافة. تعكس قضيتها ما يتعرض له الصحافيون اللبنانيون من أخطار. كانت المعاناة تتمثل في غضب الأنظمة القمعية في المنطقة على الحرية في لبنان. صار هذا التهديد الخطر يأتي الآن عبر إعلاميين وعاملين في المهنة. الوقوف مع حنين غدار يعني رفض الجنوح – تحت أي مسميات وادعاءات – الى الإعلام الشمولي في لبنان.

كتبت حنين غدار من مكانتها مديرة تحرير للنسخة الإنكليزية لموقع “ناو ليبانون” أن لبنان فضاء مفتوح للحرية. جاهرت بمواقفها على المنابر المرموقة، من الجامعة الأميركية في بيروت يوم كانت طالبة وناشطة يشهد لها، الى الجامعات ومراكز الأبحاث الأميركية والأوروبية الجدية بعدما صارت صحافية وباحثة يعتد بها. الذين نسقوا الحملة عليها يوحون جميعاً أن وراءهم “حزب الله”. كأن “ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى”. هناك واحد من أمرين: إما أنهم “يبيضون” وجوههم مع الحزب، وإما يعتقدون أنهم حصلوا على “تكليف” لتأديب كل من يتجرأ على انتقاد “المقدسات” التابعة له، وما أكثرها. تفيد الحوادث السابقة ضد زملاء آخرين أن عصبية الخطوط الحمر هي الشائعة. انتقاد المقاومة يوازي الخروج على بيت الطاعة الشيعي. كيف إذا كان هذا الخروج يأتي من حنين غدار، وهي في تصنيفهم: امرأة شيعية متمردة؟ أين هم “الرجال (الـ) قوامون على النساء”؟

ما حصل مع الزميلة حنين غدار يوضع في سياق ترهيب الصحافة اللبنانية اجمالاً. هذه ضرائب تتجاوز متاعب المهنة التي يتحملها لبنانيون ولبنانيات حفاظاً على مكتسبات ثمينة كثيرة حققها زملاء سابقون وحاليون، بعضهم سقط دفاعاً عن قدسية الحرية، وبعضهم الآخر عانى وصمد. حال الدنيا أن ثمة من يباع ويشرى.

خلافاً لمن تحرسهم جماعات أو دول – بما فيها “حزب الله” وايران – لأنهم ينطقون باسمها عن اقتناع أو غير اقتناع، تتصرف حنين غدار انطلاقاً من ضميرها الشخصي المهني والإنساني. تحرسها كلماتها وجرأتها فقط لا غير. تتميز عن الآخرين بأنها تتسلح بحقها في التعبير عن هواجس كثيرين من الهامشيين والمهمشين.

لا يمكن الإفتئات على حقها بالاستمتاع بالحرية التي لا معنى للبنان من دونها. ليس من المبالغة في شيء أن يقال إن أوروبا مصدر هذه “النعمة”، وإن المسيحيين اللبنانيين هم علة ترسيخها في هذا البلد الصغير دون سواه من بلدان الشرق الأوسط الموسع. سعت اسرائيل الى القضاء على الفضاء الحر الوحيد الذي يقلقها، في منطقة تعاقب عليها الظالمون والظلاميون من المنظومات العربية والشرق الأوسطية المتوالية، من جبهات الصمود والتصدي وصولاً الى قوى المقاومة والممانعة، مروراً بالأنظمة الرجعية والانهزامية والتقدمية. كلهم سواء في محنة التخلف الضاربة في الصميم.

لا يمكن أن تهدد الحرية في لبنان، لا من باب الدفاع عن قدسية المقاومة، ولا من باب إعادة حنين غدار الى بيت الطاعة الشيعي.