لا يشعر العارفون في تفاصيل العلاقة بين المصيطبة والرابية بأن ثمة الكثير من الود بين الموقعين او ثمة إفراط في المشاعر الإيجابية بين الطرفين، فالعلاقة لا تشوبها إشكالات كثيرة ولكن ثمة قرار من الجهتين بتفادي الخلافات او بتأجيل التوتير في الوقت الراهن خصوصاً ان الزمن الحالي هو للتضامن في الحد الأدنى وتمتين الجبهة الداخلية في زمن «داعش» وتطوراتها الدراماتيكية ودخولها على الساحة اللبنانية في ظل ورود معلومات مؤكدة ومعززة حول مخاوف حقيقية من المزيد من التفجيرات الانتحارية بعد التأكد من دخول عدد من الانتحاريين الى لبنان بغية تفجير الوضع الأمني وإرباك الساحة في غياب رئيس للجمهورية .
يحرص رئيس الحكومة تمام سلام بحسب مصادر مقربة منه على إضفاء الإيجابية على علاقته بكل الأطراف في الداخل، والتيار الوطني الحر في طليعة اولويات رئيس الحكومة مع الآخرين، فالمؤكد ان مرحلة سلام لا تشبه مرحلة نجيب ميقاتي في الحكومة التي سادتها توترات كثيرة، رغم كل التجاذب الذي رافق وصول سلام وإنجاز تشكيلته الحكومية. فلولا التماس الأخير الذي ظهر بعدما حل الفراغ في رئاسة الجمهورية بين رئاسة الحكومة والرابية على خلفية انتقال الصلاحيات الرئاسية الى رئاسة الوزارة إضافة الى بعض المناوشات في ملف التعاطي مع النازحين السوريين لكان يمكن القول ان العلاقة بينهما تمر بشهر عسل حكومي.
وصلت في السابق الى ذروتها بين المصيطبة والرابية على حدّ قول المصادر على خلفية تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية بعد تصلب الرئيس المكلف وتمسكه بالمداورة، وكثيراً ما فاجأ بيك المصيطبة في عدة محطات زعيم الرابية، كون الأخير لم يبد الكثير من المرونة من اجل تشكيل حكومته او يقدم لها التسهيلات المطلوبة كما فعل سعد الحريري الذي قلب الدنيا رأساً على عقب، متنازلاً عن مبدإ الجلوس مع حزب الله او «حكومة القتلة» متجاوزاً جراحه وغضب جمهوره لضرورات وطنية، فالمفاوضات التي سبقت انجاز الحكومة اظهرت عدم التفاهم القوي بين الرابية والمصيطبة في ذلك الوقت.
يبدي القريبون من التيار عدة ملاحظات على رئيس الحكومة على امتداد العلاقة به حتى من قبل ان تتم تسميته، فالتجارب اثبتت ان رئيس الحكومة أخطأ منذ تكليفه عدة مرات ولا يزال مع التيار الوطني الحر، فهو كما يقول العونيون لا يتعاطى مع التيار وفق ما يمثله لدى المسيحيين ويحاول ان يفرض شروطه في الحكومة متجاوزاً التمثيل المسيحي الشعبوي للتيار الوطني الحر.
يروي القريبون من التيار ايضاً ان رئيس الحكومة لا يبدي الكثير من الانفتاح على الرابية رغم تجاوب الرابية وايجابيتها التي سرعت الكثير من الملفات ومنها انجاز التعيينات التي تعقدت في الحكومات والعهود السابقة. وحتى في اثناء المفاوضات الحكومية يحتفظ العونيون بملاحظات حول أداء الرئيس المكلف الذي كان يعتصم في دارته منتظراً ان تصله الحكومة او الانفراج الحكومي، وحيث تميزت تلك المرحلة بالمقاطعة السلامية للرابية التي لم يصلها الكثير من موفدي الرئايس سلام او اي رسالة او عرض حكومي، في حين قطع حلفاء الرابية في عين التينة وحارة حريك اشواطاً في التفاهم مع زعيم المصيطبة.
في البداية كان باعتقاد الرابية ان التعاطي مع سلام سيكون مختلفاً عن الرؤساء المكلفين من الحقبات الماضية، إلا ان محصلة السنة الأولى الحكومية اظهرت نسخة معدلة عن ميقاتي او الرئيس فؤاد السنيورة