يخفي منصور البون فرحته وهو يتلقى سيل الاتصالات المستفسرة عن زيارته للعماد ميشال عون. فقد انشغلت كسروان – الفتوح في اليومين الماضيين بخبر الزيارة وخلفياتها. كثر المهنئون والمستفسرون. أما المتحفظون او المعترضون فاكتفوا باشارات من بعيد. يعرف البون ان الزمن ليس زمن انتخابات نيابية. فهو ممن يرددون منذ اسابيع ان حظوظ التمديد للمجلس الحالي مرتفعة. ومع ذلك بادر باتجاه العماد عون وزاره في الرابية. ليس هذا اللقاء الاول بين الرجلين. سبقه اكثر من عشاء ولقاء «مركب» بينهما عند اصدقاء مشتركين. لكنها المرة الاولى التي يزور فيها البون عون في الرابية. زيارة حرص على تقريبها بعد ان كان يُفترض ان تتم في مطلع هذا الاسبوع. لكن اضطرار البون الى السفر جعله يسّرعها ويزور الجنرال يرافقه جوزف ابو شرف.
لا يريد البون ان يعلق على زيارته لا في اسبابها ودوافعها ولا في النتائج المرتقبة منها. يكتفي بالقول ان اللقاء كان ايجابيا جدا، ويضحك ضحكته التي تكشف انه يخفي الكثير.
ومع ذلك لا يصعب تحليل الخلفيات. فالبون الذي واجه عون بشراسة في دورتين انتخابيتين، يصارع وحده في منطقة متروكة. يستند الى حجم صداقاته المتشعبة ليواصل تقديم الخدمات لابناء منطقته. لا يذكره الحلفاء المفترضون في «14 آذار» الا عند مواجهة الجنرال. اما ما بين انتخابات نيابية واخرى فيواصل العمل وحيدا. يفتح الابواب المغلقة بنكتة او بزيارة او بخدمة او مونة، ودائما بحنكة الخبير. هو مستقل ومتمسك باستقلاليته. لذا فعلاقته، كما معظم ابناء منطقته، غير وطيدة بالاحزاب ورؤسائها. لكنه في الأسبوع الأخير زار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع معزيا، كما زار ميشال عون من دون مناسبة مباشرة. لا يزر البون زيارة وزر أخرى. الاولى اجتماعية لن يتوانى عن القيام بها. اما زيارته لعون فقرار في السياسة. فما الذي دفع البون الى خطوته تلك؟ هل نُمي اليه انه تم التوافق بين رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري والرئيس السابق ميشال سليمان على مواجهة ميشال عون على الساحة الكسروانية؟ هل وصلت اليه الاخبار المتداولة عن ان سليمان سيكون مدعوما من «المستقبل» على كل المستويات ليشكل لائحة، او اقله ليرعى لائحة، في كسروان؟
من يعرف البون يعرف تماما انه لا يمكن لراداراته الا تكون قد التقطت مثل هذه الاشارات ودلالاتها. من عادة الرجل الا يجيب عن اي موضوع يقرر الصمت عنه. يصمت، يكثر من حركته وينشط في زياراته. يستند الى معرفته بأن اي لائحة تضمه وعون سيكون من شبه المستحيل مواجهتها، خصوصا اذا تم اختيار سائر اعضائها بدقة.
لكن اليوم ليس للكلام. هي فترة تبادل الرسائل والزيارات. لعل اكثر الفرحين فيها النائب ألان عون، صديق البون و«العراب» الدائم لتوطيد العلاقة بين «ابو فؤاد» و«الجنرال».