أدخلت مسألة العسكريين المختطفين على يد الارهابيين الساحة السياسية في صراع مفتوح وفي نفق مذهبي وطائفي بعدما تحوّل السجال الدائر إلى خطاب مذهبي بامتياز على خلفية إنتماءات العسكريين الطائفية والمذهبية، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة تمام سلام على حدّ قول مصدر وزاري تابع لقوى 14آذار إلى التعبير عن امتعاضه الشديد جراء تسييس ومذهبة عملية انتقاء العسكريين المفرج عنهم، وتبرّع بعض وسائل الإعلام بالتركيز على الناحية المذهبية، إضافة إلى الحديث عن وقائع وخلافات نشبت في الفترة الأخيرة تتركّز حول كيفية التعاطي مع هذا الملف البالغ الحساسية. وفي هذا المجال، كشف المصدر عن نصائح بدأت تتلقاها المراجع السياسية لأهمية الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، كون هذه الأزمة قد فضحت مدى الحاجة إلى وجود رئيس للجمهورية في هذا التوقيت بالذات، كونه سيساهم في التخفيف من حدّة الخطاب المذهبي والطائفي من جهة، كما يلعب دوراً مساعداً في حلحلة العقد خلال المفاوضات الجارية للإفراج عن العسكريين المختطفين، خاصة بالنسبة للإجراءات الواجب اتخاذها في حال تقرّر الإفراج عن الموقوفين الإسلاميين من دون محاكمة في سجن رومية، حيث أن رئيس الجمهورية وحده يملك صلاحية التوقيع على قرار العفو الخاص عن هؤلاء لتنفيذ عملية التبادل.
وأشار المصدر الى أن وجود رئيس الجمهورية في قصر بعبدا يقطع الطريق على أي استغلالات سياسية ومذهبية وطائفية في عملية التفاوض الجارية ويساعد في الإسراع بالإفراج عن العسكريين، والحؤول دون سعي بعض القوى السياسية من المتاجرة بحياتهم من خلال إدخال قضيتهم في سوق المزايدات السياسية. وأضاف أنه خلال اللقاءات الأمنية الأخيرة، برزت معلومات تفيد بصعوبة الإقدام على أي خطوة قد تكون ضرورية للإفراج عن العسكريين المخطوفين نظراً لعدم قدرة أي من الأطراف التي تتولى عملية التفاوض على اتخاذ القرارات بموضوع تبادل السجناء في رومية بالعسكريين، كما أنه ليس بوسع أي جهة سياسية إلى أي فئة انتمت إحتمال رؤية الرؤوس المذبوحة على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الإجتماعي، لأن هذا الأمر سينقلب عليهم في الشارع، وسيعرّض الجميع لنقمة عائلات المخطوفين.
وتحدّث المصدر الوزاري التابع لقوى 14 آذار، عن قناعة بدأت تتكوّن حول الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية كونه الحصن الداخلي الذي يحمي الجمهورية من كل ما يحاك من مؤامرات ومحاولات لاستهداف المجتمعات المذهبية وإثارة الصراعات. لكنه استدرك مشيراً إلى صعوبة إنجاز الإستحقاق الرئاسي مهما بلغت التحديات الداخلية، وذلك قبل حصول تفاهمات إقليمية، وقبل اتضاح الرؤية في سوريا والعراق، خصوصاً في ظل التطوّرات الأخيرة في اليمن، حيث يواصل الحوثيون زعزعة الإستقرار بموازاة التطوّرات العراقية في ضوء ما يجري من عمليات عرقلة لمساعي تشكيل حكومة وحدة عراقية بعد إزاحة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، تزامناً مع التصعيد الأخير من قبل النظام السوري الذي باشر حملة عسكرية للتعويض عن خسائره في وجه تنظيم «داعش» من جهة، والردّ السلبي الذي تلقّاه من المجتمع الدولي الذي رفض التعامل معه في مكافحة الإرهاب، مع العلم أن أكثر من عاصمة غربية اتّهمت هذا النظام بممارسة الإرهاب في سوريا.
وتوقّع المصدر الوزاري التابع لـ 14 آذار، أن يبادر النظام السوري إلى الضغط على الداخل اللبناني من خلال مواصلة عرقلة حصول توافق حول الإستحقاق الرئاسي، لكنه شدّد في الوقت نفسه على أن دمشق قد فقدت دورها كناخب في لبنان لأن المرحلة الراهنة هي مرحلة المملكة العربية السعودية وإيران اللتين تحوّلتا إلى ناخبين أساسيين، وربما وحيدين، في هذه العملية، وبالتالي فإن الرياض وطهران ستعملان على فرض تسوية رئاسية وعلى صناعة رئيس جديد للجمهورية عندما يحين موعد التفاهم الإقليمي على الملف اللبناني.