استوقف إعلان وزير العدل اللواء أشرف ريفي أن المرحلة الراهنة ما زالت حسّاسة على المستوى الأمني على الرغم من الإستقرار في منطقة عرسال، مصادر نيابية في «تيار المستقبل» وتطوّرات المفاوضات حول قضية الجنود المخطوفين من قبل تنظيمات سورية مسلّحة في جرود عرسال، إذ وجدت فيه إشارة واضحة إلى عدم استسهال الوضع الأمني الراهن والتوغّل في صراعات وخلافات سياسية ونقابية من قبل المسؤولين على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والطائفية، وهو الواقع الحالي اليوم في ضوء التطوّرات الأخيرة التي شهدتها الساحة المحلية على صعيد التربية والقضاء والإنتخابات النيابية المقبلة، وذلك بموازاة الشغور الرئاسي. واعتبرت المصادر النيابية أن الظروف استثنائية وتتطلّب أداء مختلفاً على كل المستويات، إذ من الملحّ تضافر كل الجهود السياسية للمحافظة على الإستقرار الذي ما زال هشّاً ومعرّضاً في أي لحظة للإهتزاز، وذلك بصرف النظر عن الأوضاع الإقليمية الصعبة، وتجدّد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، مع ما يحمله هذا التطوّر من أخطار على جبهة الجنوب اللبناني.
وأدرجت المصادر نفسها، تحذير الوزير ريفي الأخير في سياق الدعوة الشاملة إلى كل القوى من دون استثناء إلى الإرتقاء إلى مستوى المسؤولية التي تقتضيها المرحلة، حيث أن الحسم العسكري في عرسال لم يضع حداً نهائياً لمسلسل استهداف لبنان من البوابة السورية، أو تجدّد امتداد «كرة النار» السورية إلى منطقة البقاع، وليس فقط إلى عرسال. وأضافت أنه بعد مرور بضعة أسابيع على «اختبار» عرسال الأمني، استعادت الساحة الداخلية سجالاتها وخلافاتها حول قضايا دستورية ونقابية واجتماعية، وكأن المعادلة الأمنية مستقرّة والبلد في منأى عن النار الإقليمية المستعرة والصراع المذهبي الخطير الذي تشهده الساحتان العراقية والسورية. وشدّدت على أن أي خرق سياسي لم يسجّل على الرغم من المواقف المتضامنة مع الجيش في حربه على الإرهابيين، وتقديمه الشهداء واختطاف العشرات من جنوده، معتبرة أن المقاربة السياسية للملفات المطروحة على طاولتي الحكومة ومجلس النواب «المعطّل» لم تشهد أي تعديل في مرحلة ما بعد عرسال، أي ما بعد التضامن الوطني العام الذي تمّ خلال المواجهات الأمنية.
وباختصار، فإن استمرار المراوحة، كما أضافت المصادر النيابية نفسها، وغياب أية معالجات، ولو بالحد الأدنى للأزمات المعيشية، بل على العكس استعادة الخطاب الطائفي والمذهبي وتعميق الإنقسام السياسي الحاد حول الإستحقاقات الدستورية، هو بمثابة الطريق الأقصر إلى الإنفجار، وذلك بصرف النظر عن كل العوامل المؤثّرة في المنطقة، وحتى التسويات الإقليمية التي تطبخ على نار قوية حالياً. فالإعتبارات الخارجية تتحكّم بالإستحقاقات الداخلية، ولكنها لا تتخطى حدود الإستحقاق الرئاسي إلى الشؤون التربوية، أو وضع مياومي كهرباء لبنان أو سلسلة الرتب والرواتب، إذ أن عدم حصول الإنتخابات الرئاسية لا يجب أن يرتّب الخسائر على كل المستويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، خاصة وأن تفاقم التوتّر وزيادة منسوب الإحتقان المذهبي، وغياب المقاربات المنطقية والعقلانية وقطع قنوات الحوار، يؤدي حكماً إلى إفساح المجال أمام المصطادين في المياه العكرة لاستهداف الإستقرا، وبالتالي، استحضار عناصر الفتنة الخارجية والداخلية، وتعريض المعادلة الأمنية للخطر كما حصل في منطقة عرسال أخيراً، ومن دون أن تكون الفرصة متاحة مرة أخرى لإنقاذ الوضع والصمود مجدّداً أمام استدراج لبنان إلى النار الإقليمية.
وإذا كان الوضع اللبناني السياسي أو الأمني العام معلّقاً على الوضع الإقليمي، فإن التسوية مرتبطة بشكل كلي بالتسوية الإقليمية أيضاً، ولكن موعد حلول هذه التسوية ليس منظوراً، كما أضافت المصادر النيابية ، لأن صمود لبنان في مرحلة الإنتظار هذه مرتبط بمدى التوافق الداخلي على النأي بالنفس، خاصة من الناحية الأمنية، كما على تأمين كافة عناصر الصمود، وخصوصاً في الجانب الوطني من خلال إقفال كل مسارب الفتنة المذهبية والطائفية، والإتفاق بين كل الأطراف السياسية سواء في فريق 8 أو في فريق 14 آذار، على اعتبار الإستقرارخطاً أحمر لا تؤمّن حمايته المظلّة الدولية، بل الوحدة الداخلية.