تشهد باريس اليوم الخميس تحركا استثنائيا اميركيا – فرنسيا لإزالة المعوقات التي أخرت الى الآن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك خلال لقاء متوقع بين وزيري خارجية البلدين جون كيري ولوران فابيوس وآخرين، وبلقاء كيري والرئيس سعد الحريري. وأفاد مصدر ديبلوماسي “النهار” ان فرنسا قررت التفاهم مع الولايات المتحدة وبريطانيا لتكثيف الاتصالات بعدد من زعماء الكتل النيابية ومن بينهم الحريري، في محاولة لفك حالة التأزم لانتخاب رئيس، بعدما ادى ترشيح قوى 14 آذار لسمير جعجع الى رفض قوى الثامن من آذار له، فواجهت في جلسة انتخابية وحيدة هذا الترشيح بأوراق بيضاء او بالتغيب عن الحضور لنسف النصاب. وترى باريس، ومثلها واشنطن ولندن، ان هذا المأزق الذي مر عليه 32 يوما من الفراغ في قصر بعبدا لم يعد مقبولا، ومن المرشح ان يطول، لذا يجب التحرك من اجل تأمين انتخاب خلف للرئيس ميشال سليمان.
بدأ التحرك الفرنسي في باريس حيث التقى فابيوس الحريري من اجل تداول بدائل يمكن ان تنهي هذا الفراغ الذي، وفق تعبير مسؤول فرنسي بارز، سيهدد في حال استمراره اسس الجمهورية والكيان، في ظل الانعكاسات السلبية التي يتلقاها لبنان من الازمة السورية.
ولفت مصدر متابع لسير الاتصالات المكثفة الجارية في باريس الى ان لقاء فابيوس – الحريري الذي شارك فيه السفير الفرنسي باؤلي مع طاقم ديبلوماسي لمتابعة ملف تعثر انتخاب رئيس جديد، لا يعني التدخل في الشأن اللبناني، كما انه ليس لدى باريس اي مرشح، بل ان ما تقوم به يندرج في سياق العلاقات التاريخية التي تربط البلدين ووقوف فرنسا الى جانب لبنان في المحافل الدولية لمساعدته على تجاوز اي محنة يواجهها.
واشار المصدر الى ان فابيوس هو الذي يدير هذا التحرك بطلب من الرئيس فرنسوا هولاند. وسيعود باؤلي الى بيروت لمقابلة العماد ميشال عون المنافس لجعجع والرافض خوض معركة ضده.
وأفاد ان المعطيات كما هي حاليا تؤشر الى ان مصير الانتخاب امام حائط مسدود حتى إشعار آخر، ولا يجوز الاستمرار في مثل هذه الحالة نظرا الى الخلل في هرمية المؤسسات وتحول لبنان الى بؤر للارهاب تستعمل لضرب اهداف يدعون من خلالها انها موجهة ضد “حزب الله” لأنه قاتل المجموعات المعارضة للنظام السوري وانتصر عليها.
وأوحى المصدر ان التحرك الفرنسي سيشمل ايضا البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يسعى لإقناع عون وجعجع بالمساعدة على انجاز الاستحقاق، لكنه لم يفلح حتى الساعة، وهو الذي ناقش مع الاثنين خطورة بقاء نزاعهما على الشكل الحالي، ويبدو ان لا حل في الافق حتى الآن وكل منهما على موقفه.
وذكر ان الافكار الفرنسية التي سيتم تداولها تنطلق من هذه المعطيات السلبية في محاولة لانهاء حالة عون – جعجع بايجاد مرشح يشبه برنامج جعجع قد يكون من 14 آذار او من التوجه نفسه.
واعترف بأن المهمة معقدة، وهي في عمقها صراع ماروني – ماروني وصعوبتها تكمن في ان لا جهة قادرة على حلحلتها.