يواجه لبنان معضلة تكبر يوماً بعد يوم من جراء تداعيات الأزمة السورية، وذلك برفض الاقتراحات أو على الأقل عدم التجاوب الكامل معها والرامية الى تخفيف عبء الزحف اليومي لآلاف اللاجئين السوريين الذين يقصدون جميع المناطق اللبنانية وفق سياسة “الحدود المفتوحة” منذ اندلاع الاشتباكات. وتكرّس رفض الدول الكبرى برفض اقتراح أساسي طرحه لبنان، هو انشاء مخيمات على الحدود القريبة مع سوريا او في المناطق العازلة. وقد رفضت المانيا، التي انضمت الى “المجموعة الدولية لدعم لبنان” التي تأسست في منتصف شهر أيلول من العام الماضي، بلسان وزير خارجيتها فرنك فالتر – شتاينماير الاسبوع الماضي خلال زيارة العمل التي قام بها لبيروت انشاء مثل تلك المخيمات، وعزا السب الى ان سلامة اللاجئ لن تكون مضمونة فيها، وأن التأكد من ذلك يفترض اجراء محادثات مع النظام السوري، علماً ان الاتصال به مقطوع على المستوى الدولي. وتجدر الاشارة الى أن السفير السوري علي عبد الكريم علي رفض بدوره اقتراح لبنان الرسمي انشاء مثل تلك المخيمات. كما أن الدول العربية الغنية لم تتجاوب، واستقبلت أعداداً قليلة من جراء الهرب من المعارك.
ويكمن الاقتراح اللبناني الثالث في تجاوب الدول المانحة مع المبالغ التي وعدت بتسديدها لسد حاجات اللاجئين وتسليمها الى المفوضية العليا للاجئين، ولم يسدد سوى 25 في المئة مما حدّدته قمتا الكويت. كما أن المبالغ التي وصلت الى “الصندوق الائتماني” لا تقارن بحجم كارثة اللجوء. وما يقلق أيضاً هو عدم التبرع للبنان إلا بمبالغ قليلة لتمكين الحكومة من الاستمرار في تأمين خدمات الطبابة وتعليم الآلاف من أولاد اللاجئين وبدلات الايواء، وهي لا تدخل في ميزانية المفوضية العليا للاجئين. واللافت ان الولايات المتحدة الاميركية تبرعت أمس بمبلغ 51 مليون دولار أعلن عنه وزير الخارجية جون كيري في السرايا. وسأل أحد الوزراء، وهو واحد من المسؤولين عن ملف اللاجئين، كم شهراً يكفي هذا المبلغ لانفاقه على حاجات اللاجئين السوريين؟
ونقلت مصادر مقربة من بعض الفاعليات السياسية والحزبية المؤثرة في القرار السياسي ان الاطراء لضيافة لبنان واللبنانيين العدد الأكبر من اللاجئين السوريين يخفي خطة خبيثة لإبقاء أكبر عدد ممكن منهم في لبنان واحداث خلل سكاني، فيدفع لبنان الاثمان الباهظة في معظم المجالات، وقد خسر 7 مليارات ونصف مليار دولار حتى الآن، وشهد خروقاً أمنية وحوادث وتجاوزات. واستغربت تلك الفاعليات فقدان المسؤولية في معالجة الفراغ الرئاسي بعد مرور 72 يوماً في العجز على انتخاب رئيس للجمهورية لاعادة تفعيل أعمال مجلس النواب وانصراف الحكومة الى معالجة الملفات على أنواعها وحل قضية المطالب المعيشية التي تهدّد سعر صرف الليرة اللبنانية.
وانتقدت المسؤولين الذين يضربون مواعيد بعيدة قد تسمح باجراء الانتخاب الرئاسي منتصف الصيف، أو أبعد، على ما توقعه الرئيس تمام سلام. ورأت أنه يتوجب على أي مسؤول وسياسي أو رئيس كتلة نيابية ان يساهم في تسريع انتخاب الرئيس من أجل انتظام عمل المؤسسات المهدّدة بالتعطيل الكامل والحالة السلبية غير المسبوقة التي تسيطر على البلاد.
وأفاد مصدر ديبلوماسي “النهار” أن على قيادتي 14 آذار والثامن منه فتح صفحة جديدة من التلاقي لانجاز الاستحقاق الرئاسي، الذي كلما طال تنفيذه تراكمت الازمات واصبح الحلّ في خانة المستحيلات.