IMLebanon

تراجع سعر النفط رغم الحروب

للمرة الاولى منذ أشهر شهد سعر سلة نفوط «أوبك» انخفاض مستواه الى أقل من مئة دولار اذ كان أول من امس الاثنين في حدود 99 دولاراً، رغم الحروب الدائرة في مناطق نفطية عديدة في العراق وليبيا والتوترات بين روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي حول اوكرانيا وما يحدث من حروب في الشرق الاوسط في سورية وغزة. فقد انخفض سعر النفط بدل ان يرتفع بسبب هذه الاحداث. ان ضعف الوضع الاقتصادي في عدد من دول اوروبا مثل فرنسا وايطاليا أدى الى انخفاض الطلب على النفط في اوروبا في الربع الثاني من السنة وفي الولايات المتحدة ايضا. وقد اشارت ارقام وكالة الطاقة الدولية الى انخفاض الطلب على النفط بمعدل ٤٤٠ الف برميل في اليوم كما ان الطلب على نفط الصين انخفض ٢ في المئة في الشهر الماضي بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية. ان الزيادات الكبيرة من انتاج النفط في أميركا الشمالية وارتفاع انتاج «اوبك» في تموز (يوليو) مع عودة جزء من النفط الليبي الى الاسواق وارتفاع الانتاج السعودي، كل ذلك عوض عن انخفاض انتاج العراق حيث المعارك كانت ضارية بسبب هجوم «داعش» في الاماكن النفطية وعن انخفاض انتاج كل من نيجيريا وايران.

اذن رغم التوترات والنقص في امدادات بعض الدول لم يحدث أي خلل في اسواق النفط بل بالعكس انخفض سعر البرميل الى اقل من مئة دولار. الا ان الدول المصدرة للنفط لن تترك الاسعار تنخفض طويلاً الى اقل من مئة دولار وهو المستوى الذي تراه الدول الحريصة على استقرار الاسواق مثل السعودية، وهي اكبر منتج في «اوبك» والتي تعتبر هذا السعر جيداً للمستهلك والمنتج. فاذا انخفضت الاسعار الى مستويات اقل بكثير لا شك ان منظمة «اوبك» ستلجأ الى تصحيح الاسعار عبر تخفيض انتاجها. الا ان من السابق لأوانه توقع كيف سيكون اتجاه سعر النفط نظراً الى عدم اليقين بالنسبة لتطور الاقتصاد العالمي وخصوصا الاوروبي، اضافة الى ما يجري في العراق مع الحكومة الجديدة والاقليم الكردي والسيطرة على «داعش». وايضا بالنسبة للحرب الدائرة في ليبيا حيث لا أحد يسيطر على الوضع. وما سيحدث في المفاوضات بين ايران والدول الست حول الملف النووي من الآن حتى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. فكل ذلك يطرح اسئلة حول اتجاه سعر النفط علما انه من غير الممكن ان تتركه منظمة «اوبك» يتراجع بشكل خطير.

احداث العراق وادارته في عهد نوري المالكي اضاعت فرصة كبرى لهذا البلد في استعادة قدرته الانتاجية والتصديرية بسرعة. ولولا القوات العراقية ومساندة الولايات المتحدة لكان «داعش» استولى على اكبر مصفاة في شمال بغداد هي مصفاة بيجي، ولكان احرز تقدماً اكبر في المناطق النفطية في كركوك. ان حكومة المالكي فشلت في جميع القطاعات حتى انها أساءت استقطاب المستثمرين في قطاع النفط والتعامل معهم. ولا شك ان امام رئيس الحكومة الجديد حيدر العبادي مهمة صعبة ولكن شخصيته تبعث على التفاؤل بحسب ما يعرف عنه انه اكثر انفتاحاً واقل طائفية من المالكي الذي كان مكروها من الجميع. ففي اوضاع افضل قد يشهد القطاع النفطي العراقي تحسناً والعلاقة بين الحكومة في بغداد واقليم الكردستان قد تتحسن مما يدفع الى الاسراع في تحسين قطاع النفط.

وفي كل حال فان دول «اوبك» تحتاج الى بقاء اسعار النفط في مستويات مرضية لاقتصادها وتبقى حريصة على الدفاع عن الاسعار مهما حدث في الاقتصاد العالمي وفي المناطق النفطية لان انتاجها يؤثر في السوق النفطية مهما كانت استقلالية الولايات المتحدة عن امدادات نفط الشرق الاوسط. فالاقتصاد العالمي مرتبط بسعر النفط السائد في الاسواق. والسعودية اكبر منتج في «اوبك» وباقي الدول لن تترك سعرالنفط يتدهور كما لن تدفعه الى مستويات سلبية على الاقتصاد العالمي.