ترحيب لبناني بمبادرة البنك الدولي لتمويل إنتاج الكهرباء
سلام يتمسَّك بالتوافق الحكومي .. والإنتخابات الرئاسية ليست سريعة
تأجيل الإمتحانات الرسمية وخلاف بين أبوصعب و«التنسيق» .. والسلسلة أولوية
طمأن الرئيس تمام سلام اللبنانيين، عشية جلسة مجلس الوزراء انه «متمسك بالتوافق الوزاري» لان هذا التوافق يجعل من قرارات الحكومة اكثر فعالية، مستبعداً ان تجري الانتخابات الرئاسية بسرعة، ورحب، وفقاً لمصادر مطلعة، بالعرض الذي يحمله الى بيروت رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم الذي وصل امس، ويقضي بتمويل مشروع ضخم لانتاج الطاقة الكهربائية، بفوائد ميسرة، وعلى فترة زمنية لا تقل عن عشر سنوات لمساعدة لبنان على تجاوز اعباء المديونية العامة، والتي تستهلك الكهرباء، حصة كبيرة منها، وبالتالي قد تنعكس اما على زيادة المديونية، او على زيادة ساعات التقنين التي حذرت منها المؤسسة ما لم تدفع اليها الاعتمادات المالية التي تتزايد مع ارتفاع كلفة الانتاج وتنامي العجز العام وزيادة اعباء استهلاك الطاقة في ظل هذا العدد المليوني للنازحين السوريين في لبنان.
وابلغ خبير في الوفد المرافق للموفد الدولي ان مبادرة البنك جاءت في اطار تنفيذ التعهدات التي قطعتها المجموعة الدولية لدعم لبنان، وللتخفيف عن كاهل حكومته الاعباء المالية التي نجمت عن استضافة فوق الطاقة لمليون واكثر من 200 الف نازح سوري.
ويأتي هذا التطور الايجابي، مع انفراج سياسي محتمل لجهة التوافق على آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء وفق آلية بلورتها الاتصالات التي جرت في الساعات الماضية، وتقضي باعتماد صيغة الثلثين للبنود الـ14 التي تحتاج تصويب بالثلثين، والتي نص عليها الدستور صراحة، على ان تتخذ القرارات الاخرى بالنصف زائداً واحداً من حضور الوزراء.
وبالنسبة لجدول الاعمال فإنه يصبح نافذاً بعد اطلاع الوزراء عليه وموافقة اكثرية النصف زائداً واحداً، لمناقشة البند او سحبه من جدول الاعمال.
واكد مصدر وزاري لـ«اللواء» في هذا السياق، ان الاجواء داخل مجلس الوزراء مختلفة كثيراً عمّا يشاع في الخارج، مؤكداً ان لا مجلس الوزراء ولا احد من الوزراء لديه نزوع للهيمنة على صلاحيات رئيس الجمهورية، بل ان وجود الحكومة مؤقت ونتمنى ان يكون اقصر مما هو متوقع.
لكن الامر بنظر هذا المصدر لا يتعلق فقط بالنقاش حول آلية اتخاذ القرارات والمقرر ان تستكمل في جلسة اليوم، بل ايضاً بالتطورات السياسية في لبنان والمنطقة والتي قد تظهر حولها تباينات بين مكونات الحكومة، وتضعها امام تحديات اضافية مبكرة، مثل القرار الذي اعلن امس باسقاط صفة النازح عن السوري الذي يعود الى سوريا، ومشكلة سلسلة الرتب والرواتب وتداعياتها على الامتحانات الرسمية، في ضوء الاضراب الذي اعلنته هيئة التنسيق النقابية، ناهيك عن قضية الانتخابات الرئاسية التي يجب العمل على الاسراع في التوافق بشأنها لتقليص مدة الشغور الرئاسي، الى غيرها من القضايا المهمة.
الا ان وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ابلغ «اللــــواء» عن وجود اتفاق، حيث جرت العادة منذ تشكيل الحكومة على ان تتخذ معظم القرارات او كلها بالتوافق مما يعني ان لا مجال للاختلاف حول اي شيء، فكل ما هو مختلف عليه نستطيع ان نؤجله الى مرحلة تالية، أما لا يتحمل التأجيل، والذي يمكن الاتفاق عليه نقره.
سلام
حديث التوافق، اتخذه الرئيس سلام عنواناً للمرحلة، مطوراً إياه بالعودة إلى شعار والده الرئيس صائب سلام «التفهم والتفاهم»، مؤكداً أن كل شيء نتوافق عليه في مجلس الوزراء سيعتمد بالنتيجة، مذكراً بأننا امام حالة جديدة واستثنائية، وأي تصور يجب ان يُشارك فيه الجميع، من دون أن يحدد رأياً قاطعاً في شأن ما يراه مناسباً لاتخاذ القرارات ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية، لافتاً النظر الى ضرورة اخذ التشنج السياسي الحاصل في البلاد في عين الاعتبار.
وأعلن الرئيس سلام في حديث مع الزميل وليد عبود ضمن برنامج «بموضوعية» عبر شاشة M.T.Vرفضه لتعطيل مجلس النواب، مستبعداً في الوقت نفسه اجراء الانتخابات الرئاسية في حدود 20 آب، مثلما توقع وزير الداخلية نهاد المشنوق، واصفاً هذا التوقع بأنه متفائل جداً، لكنه أمل أن يتم الانتخاب غداً، وان يتم في جلسة 9 حزيران الحالي، الا انه لاحظ ان المعطيات لا تبشر بذلك، عازياً أسباب ذلك الى الصراع التقليدي المسيحي – المسيحي على رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى ان البطريرك الماروني بشارة الراعي حاول جاهداً جمع القيادات المارونية لكنه لم يتمكن من الوصول الى شيء، ولا حتى الى شيء وسطي يتمثل بشخص أو باتفاق، متمنياً في مجال آخر، الا نحاكم البطريرك الراعي على نواياه الوطنية الصادقة والمخلصة، في اطار تعليقه على الحملة التي يتعرض لها البطريرك الماروني بسبب زيارته للاراضي الفلسطينية المحتلة.
وبالنسبة إلى موضوع سلسلة الرتب والرواتب، والتي وصفها بأنها قضية وطنية، وتقاذفتها ارقام ومواقف شعبوية تساءل الرئيس سلام: إذا كان هناك عجز على مستوى انتخاب رئيس في مجلس النواب، لماذا لا يستطيع النواب الوصول إلى تقدم في هذا الشأن، واعداً باتخاذ خطوات للتخفيف من تداعيات عدم إقرار السلسلة على الطلاب وعلى الانتخابات الرسمية بصورة خاصة حتى لا نقع في المحظور، مثل اللجوء إلى الإفادات المدرسية التي كانت كارثة على الطلاب، لافتاً النظر إلى أن لدى وزير التربية مخارج وخيارات نتمنى أن لا نصل إليها، واصفاً الإفادات بالكأس المرّة.
وألمح الرئيس سلام إلى مراجعة حصلت في موقفه بالنسبة لموضوع تفريغ الأساتذة المتعاقدين في الجامعة، بعد ان تداول في هذا الموضوع مع وزير التربية، بدل موقفه الأساسي الذي كان يقوم على ضرورة أن يختار مجلس الجامعة صلاحية تفريغ الأساتذة، آملاً بالوصول إلى أن يرضي الجامعة ويرضي البلد.
وبالنسبة إلى الانتخابات النيابية، لم يمانع الرئيس سلام بأن تشرف حكومته على اجراء هذه الانتخابات، في حال تأخر اجراء الانتخابات الرئاسية، لكنه سأل وفق اي قانون يمكن اجراء الانتخابات النيابية على أساسه. مشدداً على ضرورة إقرار قانون جديد لاعتماده، لافتاً النظر الى مجموعة أمور قد تؤسس لمرحلة غير مريحة للبلد، ويمكن أن يكون لها مردود سلبي، مثل تعطيل التشريع في مجلس النواب، الذي وصفه بأنه امر مضر جداً.
ورأى أن أولى مهام المجلس النيابي الجديد يجب أن يكون انتخاب رئيس الجمهورية، لأن ذلك يجب أن يأتي قبل تأليف الحكومة، من أجل إفساح المجال امام الرئيس الجديد لإجراءات استشارات نيابية ملزمة.
أفكار جديدة
الى ذلك رأت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أنه في ظل انسداد الأفق في ما خص إنجاز الاستحقاق الرئاسي والاعتقاد السائد بأن فترة الشغور قد تطول من غير المستبعد أن يتحرك المعنيون مجدداً الى طرح أفكار جديدة ربما تكون بمثابة «نوع من المبادرة» تسهم في خلق مساحة للتحاور وحض بعض الأطراف السياسية على اتخاذ قرار يصب في مصلحة الإقلاع عن التعطيل، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن ما من شيء ملموس حتى الساعة.
واعتبرت أن مبادرة كهذه في حال نضجت معطياتها تستدعي قيام توافق حولها، وأن وتيرة التحركات الديبلوماسية الداعية الى الاسراع في انتخاب رئيس جديد ستزداد تباعاً مع العلم أنها لم تنقطع.
وأعربت المصادر نفسها عن اعتقادها أن النقاشات التي يخوضها مجلس الوزراء اليوم في السراي بشأن آلية عمل الحكومة بالنسبة الى صلاحيات رئيس الجمهورية لن تخرج عن إطار السعي الى إيجاد عناوين عريضة وكيفية ممارسة صلاحيات الرئيس المناطة بالحكومة، معلنة أن أي رغبة في إبراز عدم التوافق على مضمون هذه الآلية يؤشر الى قرار ما بالتعطيل، وهو سيتظهر قريباً، إلا أن المصادر شددت على أن الرئيس سلام سيجنّب حكومته هذه الكأس، معلنة أن تعمّده ببحث هذه الآلية ومشاركة الوزراء في طرح الأفكار والصيغ المتصلة بالصلاحيات كفيل بسحب فتيل أي تفجير بهدف الانطلاق نحو العمل واتخاذ من يمكن ما قرارات.
تأجيل الإمتحانات الرسمية
وكانت الأمور، على صعيد تداعيات السلسلة وصلت الى الأزمة الفعلية، مما استدعى تأجيلاً للامتحانات الرسمية الى ما بعد جلسة مجلس النواب لإقرار سلسلة الرتب والرواتب المقررة في 10 حزيران الحالي، بعد اقتراح بتقسيط الست درجات للمعلمين والأساتذة حمله وزير التربية الى هيئة التنسيق النقابية التي طالبت أن يكون خطياً لمناقشته وربما التوصل الى إقراره ببند واحد في الجلسة كما أعلن الوزير الياس بو صعب.
إلا أن ذلك، لم يمنع الوزير من التلويح بامتحانات غير مسبوقة في حال لم يتم إقرار السلسلة، دون الكشف عن ماهية هذه الامتحانات التي وصفتها مصادر الهيئة بالتهويل ليس أكثر، فلا يمكن لأحد غير الأساتذة أن يجري الامتحانات، وربما لم يتعلم الوزير الدرس من الوزير نجيب بو حيدر عندما واجه المعلمين بالعسكر.
وفي ضوء تأجيل الامتحانات الى 12 الجاري، تدرس الهيئة اليوم تأجيل الاضراب المفتوح الذي كانت قد حددته نهار السبت المقبل الى أول أيام الامتحانات بمواعيدها الجديدة.
البنك الدولي
وفي السياق نفسه، وصل الى بيروت أمس رئيس مجموعة البنك الدولي الدكتور جيم يونغ كيم يرافقه وفد من خبراء البنك الدولي اتيا من جدة، في اطار زيارة رسمية للبنان تستمر يومين تأتي ضمن اطار جولة له الى بعض دول المنطقة، حيث من المقرر ان يلتقي بعدد من المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمتهم رئيس الحكومة تمام سلام ووزير المال علي حسن خليل وممثلين عن القطاعين العام والخاص في المجال الاقتصادي.
وتهدف زيارة رئيس مجموعة البنك الدولي لاستيضاح المرحلة الاقتصادية الراهنة القصيرة المدى في لبنان، تمهيدا للتقرير الذي سيضعه خبراء البنك المختصين حول آفاق الاقتصاد اللبناني والتحديات التي يواجهها، وذلك انطلاقا من تأثير الاقتصاد اللبناني على الوضع المعيشي. كما سيعرض التقرير المنتظر ايضا لملف سلسلة الرتب والرواتب وتداعياتها على المالية العامة في لبنان، والاصلاحات المطلوبة لمواجهة التحديات لرفع نسب النمو وتأمين التوازن في مالية الدولة.
ولاحظ كيم أن زيارته هي الأولى لرئيس البنك الدولي الى لبنان منذ 14 عاماً، مؤكداً دعمه لهذا البلد في الظروف الصعبة التي يمر بها، ولكي نشكره على كرمه وفتح حدوده لاستضافة اللاجئين السوريين، مشيراً الى أنه موجود هنا للبحث في سبل تلبية الحاجات الملحة، لا سيما على صعيد الاصلاحات في قطاعات مختلفة ولتحفيز النمو الاقتصادي ودعم الاستراتيجيات على المديين المتوسط والطويل والتي تشمل الجميع.
وتجدر الاشارة الى أن الخلية الوزارية لشؤون اللاجئين اجتمعت أمس في السراي برئاسة الرئيس سلام، وعرضت من ضمن برنامجها، اقتراحات سيطرحها الرئيس سلام خلال لقائه وفد البنك الدولي اليوم في إطار خطة اقتصادية متكاملة للحكومة ولا سيما على صعيد الكهرباء والنزوح.
وكان قرار وزير الداخلية نهاد المشنوق القاضي باسقاط صفة النازح عن كل من يخرج من لبنان إلى سوريا، قد دخل حيز التنفيذ اعتباراً من أمس، وأكد الوزير درباس بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة ملف النازحين، ان الجهات الأمنية على الحدود ستتبلغ بعدم قبول أي شخص بصفة نازح يأتي من أماكن آمنة من سوريا، وتخطت اللجنة بقرارها هذا الاعتراض السوري من جانب وزير الاعلام عمران الزعبي باعتبار ان القرار اللبناني غير قانوني.
حملة مضادة دفاعاً عن الراعي
وعلى صعيد آخر، برزت حملة مضادة في مواجهة الماكينة الاعلامية التي تحركت ضد البطريرك الراعي على خلفية مواقفه من اللبنانيين اللاجئين إلى اسرائيل، قادها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي استنكر التطاول على البطريرك، سائلاً لماذا كل هذا الصخب والضجيج ولماذا هذا الصمت المريب من قبل معظم الفرقاء، بحيث ترك البطريرك وحيداً ولم يصدر موقف واحد مدافع عنه، وسأل ان من يسمون بالعملاء ينتمون إلى جميع المذاهب والطوائف فلماذا لا تتم احالة المتورطين منهم إلى المحاكمة كما حصل سابقاً؟ أما أسرهم وأولادهم ممن أجبرتهم ظروف الاحتلال على التعاطي مع العدو فلا تنطبق عليهم صفة العمالة.
بدوره اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان الحملات التي تطاول البطريرك تشكل مساً بميثاق العيش المشترك وأبلغ الراعي في اتصال اجراه به استنكاره الشديد للحملات «الوقحة». كما بحث معه في ما يمكن القيام به للحؤول دون تعطيل الانتخابات الرئاسية.