IMLebanon

تركيا وقطر لن تتدخّلا في عرسال

سيَكتشف المتعاطون بمصير المخطوفين العسكريّين من جيش وقوى أمن داخلي عقبَ الهجمة الإرهابية على مواقع الجيش في عرسال أنّ أيّاً من الدوَل لن تتدخّل في هذا الملف. فلا قطر ولا تركيا ستُكرّران التجربة السابقة التي خاضتاها في ملفّي «مخطوفي إعزاز» و»راهبات معلولا». ولم يظهر بعد أنّ هناك أيّ جهة خارجية مستعدّة للقيام بهذه المهمّة. لماذا؟

لم يطلق وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مواقفَه التي عبَّر فيها عن رفض الحكومة اللبنانية التفاوضَ مع الإرهابيين، خاطفي العسكريين من عرسال عن عبث. فهو يملك من المعطيات ما يكفي ليقول منذ توقّف إطلاق النار وفرار الإرهابيّين بالعسكريين إلى جرود المنطقة، إنّ الحكومة اللبنانية لن تفاوض المجموعات الإرهابية وليست مستعدّة لعقدِ أيّ صفقة تبادل تمسّ بهيبة الدولة والحكومة والمؤسسات العسكرية والأمنية.

لكنّ المشنوق الذي لم يكشف بعد عن البديل الذي لديه، لجهة طريقة استعادة المخطوفين، واصلَ إطلاق المواقف بوتيرة متصاعدة إلى أن قال أمس – ما معناه – أنّ لا تكليف سياسياً بعد للمدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم للقيام بهذه المهمّة، تعليقاً على رواية غير دقيقة قالت إنّ ابراهيم باشرَ وساطته بزيارة إلى كلّ من تركيا وقطر.

وبهذه الطريقة أنهى المشنوق سريعاً الحديث عن كلّ السيناريوهات التي أوحَت بأنّ ابراهيم دخل على خط الوساطة على غرار التجارب السابقة التي قادته لشهور عدة في زيارات مكّوكية إلى كلّ من أنقرة والدوحة ودمشق أكثر من مرّة.

ولكن على ماذا بنى المشنوق هذه المواقف؟ وهل هناك من يشاركه الرأي؟

بالتأكيد، تقول المعلومات المتداولة على أعلى المستويات في مواقع سياسية وديبلوماسية وأمنية، موضحةً أنّ عملية اختطاف العسكريين من عرسال لها ظروف وأسباب مغايرة للعمليات السابقة.

وهي لا تشبه لا في توقيتها ولا في مضمونها أيّ حدَث آخر، ولذلك ستكون مقاربتها ومعالجتها من منظار آخر وبأساليب مختلفة وآليّات لم تُكتشَف أو على الأقل لم يُعلن عنها بعد. وتضيف المعلومات أنّ هذه المعطيات قد بُنيت على وقائع وفي لحظات سياسية وأمنيّة محلية وإقليمية ودولية تقود إلى القول إنّ الدول الخليجية المتَّهمة بأنّها وراء نشأة «داعش» ترفض التهمة الموجّهة إليها من بعض الأطراف الذي صوَّب على كلّ من قطر وتركيا تحديداً.

ولم يعترف أيّ منها حتى اليوم بأيّ صلة بـ»داعش»، لا بل إنّ معظمَها وأكبرَها قد تبرّأ من قيادتها ورموزها وكفَّرَها ووضعَها على لائحة المنظمات الإرهابية المعادية للإسلام قبل غيره من الأديان.

وعليه، تسأل المعلومات نفسها: كيف يمكن لهذه الدول أن تعترف بما ارتكبته «داعش» في عرسال ولا تزال تدين ما فعلته في العراق وسوريا؟ وكيف يمكن لأيّ منها أن يتعهَّد بالوساطة معها؟

قد يكون الأمر التبسَ على البعض، لأنّه بمجرّد إطلاق شائعة إعلامية بأنّ اللواء ابراهيم توجّه إلى تركيا وقطر ليباشر مهمّاته كوسيط، سارَع قادة من «هيئة العلماء المسلمين» إلى القول إنّهم سيجمّدون وساطتهم، بعدما دخلت إحدى الدول على الخط، فيما تقول الحقيقة إنّ هذا الخبر لا أساس له من الصحّة، وقد تكون هناك أسبابٌ كثيرة أخرى تعوق استمرار تحرّك الهيئة.

ويسأل أحدهم: هل ما قيل عن شروط التبادل مع موقوفي رومية هو مطلب الخاطفين أم بعض مشايخ الهيئة؟ لذلك، ذهبَ معنيون بالملف بعيداً في توجيه التحذير والاتّهام معاً إلى جهات سخَّرَت مؤسسات إعلامية تبَنَّت الترويج لروايات مبكرة حيال شروط مزعومة عن مطالب الإرهابيين بالتبادل مع سجَناء إسلاميين من رومية قبل أن يعلم بها أحد من المسؤولين، وحتى قبل أنّ يباشر الوسطاء عملهم.

ويعزون ذلك إلى أسباب عدّة، أخطرُها وجود النيّة لدى البعض في التصويب على قيادة الجيش، وقائده تحديداً، بهدف الإساءة، وهو ما عزَّز الاعتقادَ بوجود قوّة مقتدرة سعت إلى استغلال ما حصل، وقد تنجح في قيادة البلاد إلى مواجهة من نوع جديد، قد تكون الأصعب على المفاوضين والجيش والمخطوفين والحكومة ولبنان معاً.