قبل ان يحط احمد الجربا ورفاقه رحالهم من زيارة واشنطن التي استمرت اسبوعاً كاملاً، كانت الترهات الاميركية قد سبقتهم الى المنطقة، حيث قرأنا ثلاثة تصريحات لمسؤولين اميركيين، لن تزيد فاصلة على جوهر الموقف الخشبي، الذي كرره باراك اوباما امامهم اي انه يرفض اي شرعية للرئيس بشار الاسد الذي لا مكان له في مستقبل سوريا !
ولكن ماذا عن المساعدة العسكرية التي يمكن ان توقف الطيران والبراميل المتفجرة، لا شيء. وماذا عن السماح لدول المنطقة بتقديم هذه المساعدات للمعارضة السورية المعتدلة، لا شيء ايضاً. اذاً ما قيمة ان تكسب المعارضة صفة البعثة الديبلوماسية، وان تخسر حمص وبعض المناطق الاخرى امام النظام، الذي يتجه الى تجديد ولاية الاسد، بما يعني دفن مؤتمر جنيف واسقاط كل ما قيل عن عملية الانتقال السياسي، لا شيء ايضاً وايضاً !
وهكذا يمكن ان نمضي في طرح الاسئلة : ما قيمة ان يعلن جون كيري ان لدى واشنطن معطيات اولية تشير الى استعمال النظام غاز الكلور كسلاح، لا شيء. وما معنى قوله اننا متفقون مع الاوروبيين والحلفاء الخليجيين على زيادة الدعم للمعارضة المعتدلة، لا شيء ايضاً، فقد سبق لأوباما ان هدد بضرب النظام لأنه استخدم السلاح الكيميائي لكنه ابتلع تهديده ولسانه وهيبة اميركا، وسبق لكيري ان وعد مئات المرات بمساعدة المعارضة ولكن من دون نتيجة… مجرد ترهات !
لست ادري ما معنى تصريحات تشاك هيغل عن انه “تم الاتفاق على ان يكون هناك تعاون اميركي – خليجي مثمر في ما يخص المساعدات للمعارضة السورية”، بينما المعروف ان اميركا تمنع حلفاءها في الخليج من تقديم الاسلحة المضادة للطيران الى المعارضة، وتكتفي بالاسلحة غير الفتّاكة باعتبار ان الفتك من اختصاص النظام وحلفائه الروس والايرانيين!
من الضروري ان نقرأ تصريح رئيس هيئة الاركان الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي في هذا السياق، ربما لأنه اكثر صدقاً وتعبيراً عن حقيقة الموقف الاميركي السعيد جداً بالوقائع اليومية للمذبحة السورية “ان مقاتلي المعارضة يحتاجون الى شيء يساعدهم على الامساك بالأرض وعلى مواجهة النظام والارهاب، ونحن لسنا بصدد توفير ذلك”، اذاً ما معنى وعود كيري وهيغل بزيادة التسليح اذا كان كبار القادة العسكريين يعارضون ذلك ؟
في تشرين الاول الماضي نقلت ” النيويورك تايمس” عن لسان رئيس موظفي البيت الابيض دنيس ماكدونو المقرّب من اوباما قوله “ان الوضع في سوريا يمكن ان يبقي ايران منشغلة لسنوات، وان القتال بين “حزب الله” و”القاعدة” قد يكون في مصلحة الولايات المتحدة، وربما يكون هذا هو السيناريو الأنسب” !
هل كثير اذا قلت تكراراً انها شركة اميركية – روسية مضاربة لإدارة المذبحة في سوريا ؟