تزامن موقفي كيري وهيل انعكاس لحل يطوق الإرهاب حتى التسوية!
صيغة حكومة لبنان عينة عن الطلب الأميركي للعراق
لاستيعاب «ممارسات الممانعة» شكاوى الإسلاميين من «الاستفزاز» الأمني مؤشر.. يمدد التفجيرات في ظل التمييز
يعكس تكامل موقفي كل من وزير الخارجية الأميركية جون كيري وسفيرها في لبنان ديفيد هيل اللذين صدرا في اليوم ذاته بان لا حلا أمنيا مباشرا ممكنا لمواجهة الموجات الإرهابية المتنوعة التي تطال المنطقة، فقد شدد رئيس الدبلوماسية الأميركية إبان زيارته الخاطفة للعراق ولقائه رئيس الحكومة نور المالكي في ظل قضم تنظيم «داعش» لنظامه على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية «اليوم قبل الغد» وتضم كل مكونات البلاد المذهبية، بما يمكن الحكومة هذه من اجراء حوار واسع لإدارة البلاد والاهم مواجهة التنظيمات الإرهابية أسوة بـ «داعش» وعندها قد يجيز هذا الواقع المحصن سياسيا من خلال ضم كل القوى الاساسية من تجاوب الولايات المتحدة الأميركية لمساعدة العراق عسكريا اذا ما طلب منها ذلك ووجدت ضرورة من جانبها.
وفي بيروت طالب السفير هيل بعد لقائه رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام بضرورة «اعتماد النأي بالنفس» وعدم خوض صراع المنطقة على ارض لبنان غامزا بذلك صراحة من قناة قتال حزب الله في سوريا الى جانب قوات الرئيس بشار الأسد وما رتب الامر من ردات على هذه الخطوة ترجمة عمليات ارهابية على الساحة اللبنانية مستندا الى العملية الإرهابية في ضهر البيدر يوم الجمعة من الاسبوع الماضي، قبل ان يستكمل هذا المسلسل بتفجير الطيونة ليل الاول من من امس على مدخل الضاحية معقل حزب الله.
اذ في مضمون كلام كل من كيري وهيل وفق أوساط سياسية غربية قناعة مطلقة بالخطأ الذي ارتكبه محور الممانعة في المنطقة وقياداته باعتماد منطق القوة في كل من العراق، سوريا ولبنان ما أدى الى اندلاع شرارة العنف وتنامي الحالة الإرهابية التي تتوسع يوما بعد يوم في ظل استمرار سياسة عدم مراعاة خصوصية المنطقة العربية وتركيبة مجتمعها المذهبي، بحيث شكلت هذه السياسة الخاطئة تهديدا لاستقرار المنطقة وشعوبها، فكانت الحالات المتطرفة التي انبثقت منها «داعش» في العراق والثورة المسلحة في سوريا بعدما بدأت سلمية ويواجهها النظام بالعنف.
وفي لبنان يستمر حزب الله على موقفه بالقتال في سوريا تضيف الاوساط في موازاة خطاب سياسي وأداء إعلامي يشكل تحديا لأبناء الطائفة السنية، مشيرة الى ان شرارة القتال المذهبي في العراق الذي بدا ميدانيا في العام 2005 في أعنف أوجهه وتوزعت بين عمليات اغتيال وتفجيرات وأعمال إرهابية وانتحارية لم يصل الساحة اللبنانية الا بعد قتال حزب الله الى جانب قوات الرئيس الأسد والمجاهرة بذلك من قبل قياديي الحزب ومحور الممانع مما شكل تحديا أدى الى استجلاب الإرهاب الى لبنان على حد ّ قول الاوساط، الا ان حكومة وحدة وطنية في العراق حسب الأوساط على غرار ما هي الحكومة اللبنانية التي ضمت بنوع «ضروري»المستقبل والثنائي الشيعي اي «حزب الله» وأمل في ظل ما لكل منهما من بعد مذهبي لا تشكل أمرا كافيا اذا ما كانت ستشكل غطاء لاستمرار سياسة الممانعة التي تدفع الى ردة فعل على اكثر من صعيد، وفي ظل عدم انجلاء مصير العلاقة بين الغرب وبين ايران التي لم تتراجع عن التوسع في المنطقة ولذلك فان القوى العسكرية والأجهزة الأمنية التابعة للحكومة اللبنانية لن تتمكن من سد الثغرات الأمنية التي تتوسع حكما استنادا الى قدرة الإرهابيين الذين نفذوا عبر انتحاريين عمليتين في غضون أربعة ايام بما يدل على قدراتهم في هذا الحقل رغم سيطرة حزب الله على منطقة القصير وتطهيرها على ما اعلن بعد انتهاء عملياته هنالك وفي مد حزب الله النظام السوري بكافة الدعم العسكري الذي مكنه من الصمود…
واكدت الاوساط ان الخطة الأمنية في طرابلس التي اشرف عليها وزيرا الداخلية والعدل نهاد المشنوق واللواء اشرف ريفي كانت مزيجا من الغطاء السياسي من رئيس المستقبل سعد الحريري وموافقة حزب الله واندفاع المشنوق وريفي في ظل ظروف مختلفة عن التي كانت على عاتق المعنيين في الحكومة السابقة، لكن الامر لم ينته عند هذا الحد اذ ان أصواتا «سنية» ومشايخ يشكون لعدم تمكنهم من التعبير عن تضامنهم وتعاطفهم مع «إخوانهم» في الجهاد او في الدين، لا بل ان الامتعاض الذي يتوفر في هذه البيئة تجده الاوساط لهذه الحالات مرتقبا له ان يترجم برديات فعل ميدانية خطرة وليس أقله أعلان عدة رجال دين او مشايخ جهارة بان ما يتعرضون له من تضييق امني من شأنه ان يؤدي الى انتاج حالة شبيهة بـ «داعش» العراق بعد ان رفضت القوى الأمنية تسيير تظاهرة تضامنية مع «داعش» وهو ما يطرح تحديات امام الوزير المشنوق لكونه رئيسا لمجلس الامن المركزي الذي تتبع له كل القوى العسكرية – الأمنية وموقعه هذا يمكنه من إرساء حالة امنية عادلة او بالتساوي بين الذين يقاتلون في سوريا وبين المتعاطفين مع المعارضين للرئيس الأسد، في ظل منطق الحدود المفتوحة بين البلدين وإلا من غير الممكن وفق قناعة أمنيين رفيعين الحد من مسلسل العمليات الإرهابية، وان تطويق هذه الحالات في مهدها يتطلب أيضاً تنفيذ كافة الاستنابات القضائية ومذكرات التوقيف والتعاطي مع هؤلاء المتطرفين بحدة، خلافا للتنسيق المستغرب بين احد الأجهزة الأمنية وبين احد المشايخ الذي قدم الى طرابلس مؤخراً ومعروف انتماءه وتعاطفه مع تنظيم «القاعدة» وفق تهاون يسهل تحرك هؤلاء والمضي في تأسيس خلايا وشبكات ارهابية ستستفيد يوما.
ومن هنا تتابع اوساط مراقبة لما يجري ان حكومة وحدة وطنية في العراق دون آفاق للحل الشامل ستبقى غير قادرة على حسم الامر اذا ما بقي التمييز في التعاطي بين المواطنين قائما والأسباب متوفرة اذ من غير الممكن عسكريا، أمنيا وسياسيا عزل العراق عن سوريا على غرار صيغة الحكومة اللبنانية بعد انفلاش «داعش» جغرافيا وشعبيا،اذ في لبنان تم تطويق الامر بالممكن وتوقيف شبكات ارهابية عدة بعدما زودت اجهزة امنية غربية مؤسسة الجيش اللبناني بمعلومات عن عدد من القياديين فيها وتمكنت غير اجهزة من توقيف شبكات اخرى، لكن الواقع هو ان الحل يبقى سياسيا وحزم امني وحسم عسكري من ضمن تسوية شاملة في بؤر التوتر القائمة في المنطقة ولهذا فأن الموقف الدبلوماسي الأميركي المركزي الذي أعلنه كيري والحصري بلبنان الذي عبر عنه هيل يحمل رسائل واضحة بان ثمة ضرورة للتعاون السني – الشيعي من اجل الخروج من دائرة الدم لكون واشنطن لن تعود الى المنطقة زمن الرئيس باراك أوباما باي عمل عسكري عدا انه لم يحقق غايته على ما دلت النتائج في كل من العراق وأفغانستان التي تكبدت فيها خسائر بشرية ومالية هائلة دون مكاسب بحدها الأدنى، لكون محاربة الإرهاب الذي ارتد على الغرب بعد احداث سوريا بنوع خاص مفترض القضاء عليه بعد ان بات يهدد العالم ومن غير الممكن توقع عدم وصوله الى الغرب في ضوء قوافل المواطنين الذين حضروا الى المنطقة تلبية لدعوة الجهاد.