IMLebanon

تساؤلات قلقة حيال تصاعد الحملة العونية أي محاذير لرمي “تصحيح الخلل” على فريق؟

يبدو غريباً ان يسمع البعض سفراء أجانب وصلوا حديثاً الى لبنان يعلقون على اداء بعض الشخصيات السياسية مستخدمين العبارات نفسها التي سادت حول أداء هذه الشخصيات قبل اكثر من عقدين على رغم ان هؤلاء السفراء حديثي العهد بلبنان وسياسييه ولم يعايشوا المراحل السابقة. يسري ذلك بنوع خاص على زعيم التيار العوني العماد ميشال عون الذي التصقت به صفات مانعة لوصوله الى رئاسة الجمهورية عام 1989 وعادت هي نفسها مجددا كمؤشر على عدم نجاحه خلال هذه المدة الفاصلة عن الزمن الحالي في تبديد الانطباعات التي شكلت ولا تزال تشكل حائلا دون وصوله الى الرئاسة. ومع استعادة الزعيم العوني مضمون الخطابات التي كان يطلقها زمن اقامته في قصر بعبدا كرئيس للحكومة العسكرية في معرض محاولته تزخيم حشد شعبي لمطالبه المتعلقة بتعيين صهره العميد شامل روكز في قيادة الجيش وتعطيله الحكومة حتى تلبية مطالبه، اكتسب منطق رفض انتخاب عون رئيسا صدقية اكبر ليس في الداخل فحسب بل ايضاً في الخارج الذي بات يحمل الأفرقاء المسيحيين مسؤولية الاستهانة بموقع المسيحيين في البلد وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، بالتزامن مع رسم علامات استفهام جدية تساهم في مراجعة الحسابات حول التسليم بصهره قائداً للجيش بمعزل عن كفاية هذا الاخير واهليته لهذا المنصب نتيجة عدم فصل عون بين صلة القرابة ومؤهلات العميد روكز .

المنحى الخطير الذي تأخذ المواقف العونية الوضع اليه لا يتمثل في تعطيله الحكومة وعدم المساهمة في انعقاد جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية فحسب من اجل الضغط لانتخابه رئيساً وتعيين صهره في قيادة الجيش، بل هو في خطاب يرتكز على استعادة حقوق المسيحيين من اصحاب القرار وممن سلبوا هذه الحقوق. ومع ان عون لا يسمي فريقاً معيناً، فانه وفي ضوء تحالفه مع “حزب الله” من جهة وتالياً عدم اعتباره ان حقوقه مهدورة مع هذا الفريق وفي ضوء دعم الحزب ما يسميه سعي حليفه المسيحي الى استعادة حقوقه على غرار الانتقاد الذي وجهه نائب الحزب حسن فضل الله “للتفرد والاستئثار في البلد واقصاء الآخر وتهميشه والتي يعتمدها فريق داخلي ضد مكون اساسي في البلد هي المسؤولة عن الشلل في المؤسسات الرسمية”، فان التقديمات مطلوبة من الطائفة السنية وفق هذا المنطق من زاوية تصويرها انها من يستولي على الحقوق المسيحية. الأمر الذي بات يرسم علامات استفهام كبيرة ليس لدى تيار المستقبل فحسب بل لدى شخصيات سنية مهمة ليست حليفة لهذا التيار والتي ترى في ركوب “حزب الله” موجة تعطيل العماد عون للحكومة من اجل الضغط من اجل تعيين مرشحه قائدا للجيش عاملاً مكملاً لوقوف الحزب وراء دعم عون للرئاسة وتالياً تحول الانتخابات الرئاسية ورقة قوية في يد ايران. فحين يعمد الحزب الى اعتبار ان حقوق المسيحيين مهدورة ويحيد نفسه عن موقع الاستئثار والتفرد في قرارات البلد علماً انه من يسيطر على مقدراته وعلى قرار الحرب والسلم وعلى انتاجية الحكومة وعملها فضلا عن انه كان ولا يزال شريكاً مع الافرقاء الاخرين للنظام السوري الذي سلب من المسيحيين حقوقهم زمن الوصاية السورية ولم يعترض على ذلك كما لم يسع الى تصحيح هذا الخلل لاحقاً باعادة اي من المناصب التي كانت تعود للمسيحيين مثلاً، فانما يثير خشية لدى مسؤولين سنة من ان ركوب الموجة الجديدة المعطلة للحكومة انما باتت ترسم مساراً يحتم طرح حل شامل متكامل لا يقل عن اتفاق الطائف من أجل اعادة الامورالى نصابها في البلد بعدما غدا صعباً الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وحده من دون الاتفاق على سلة متكاملة من المسائل السياسية. وعلى رغم الاعتقاد ان وصول الحزب الى انجاز الوصول الى مؤتمر تأسيسي او اياً كانت تسميته تبقي الحاجة قوية الى تصدر العماد عون الدفع في هذا الاتجاه وليس الحزب، فان الشخصيات السنية غير المتحالفة مع تيار المستقبل او حتى المناوئة له تعتقد ان حاجة الحزب الى عون ستتراجع على الأثر. لكن حتى الآن، فان كل الخطاب العوني الذي يقول انه تصالح مع تيار المستقبل ما ساهم في تأليف الحكومة ولم يعد يستهدف السنة كما كان يفعل من قبل بات يرسم علامات استفهام اكثر خطورة على عكس ما يعتقد انه يحاول ان يقول انه يستطيع ان يشكل الضمان متى حصل من السنة على موافقتهم لانتخابه رئيساً وتعيين مرشحه لقيادة الجيش. فهناك اقتناع ظل يسري لبعض الوقت وحاول ان يدفع به البعض عن امكان محاولة تقليل الخسائر والاتيان بعون رئيسا تفاديا لما هو اسوأ، الا انه مع مرور الوقت تكشفت ممارسات بددت هذا الاقتناع كليا ولم تعد تسمح بالعودة اليه اطلاقا فضلا عن اثارة المخاوف من تقديم تنازلات في تعيينات امنية تصب لمصلحة فريق 8 آذار. اذ ان كل الخطاب الذي يعتمده زعيم التيار وان كان يخفي قدراً كبيراً من المصالح الشخصية، فانه لا ينفصل في الوقت ذاته عن اهداف سياسية يتم السعي الى استثمارها عن فضلا معطيات محلية واقليمية تحول دون اخذ هذه المطالب منعزلة عن هذه المعطيات. ومن هذه الزاوية بالذات ما بات يثير الاستياء من اعتداء يطاول موقع رئاسة الحكومة وصلاحياتها كجزء من ان المسايرة قد تعطي انطباعا بان وراء محاولة الاستيعاب ذنوبا يتم التكفير عنها.