فيما تنحو الاوضاع في المنطقة، مع تطورات غزة والعراق وسوريا، باتجاه المجهول وباتجاه مزيد من التعقيد، لم تجد خارطة الطريق التي رسم معالمها الرئيس سعد الحريري للخروج من ازمة الفراغ الرئاسي من يتلقفها. وتوحي مجمل ردود الفعل على انها «بنيت على قناعاته الشخصية وقناعات فريقه السياسي من دون تفاهم مسبق، وإن بالحد الادنى، على مضمونها مع مكونات الفريق الآخر».
ويأسف سياسي لبناني سيادي للاجواء السلبية التي تلقفت خارطة الطريق سواء تلك التي تجلّت في بيان «اللقاء المسيحي ـ بيت عنيا» ،اذ اعتبرها زورا ضربا للمناصفة وتخطيا للقرار المسيحي، رغم انها وضعت من دون لبس هذه القضية بيد المسيحيين، او في تعليق «تكتل التغيير والاصلاح» الذي اتى رده واضحا: الاولوية لم تعد للانتخابات الرئاسية انما للنيابية التي يحين موعد دعوة هيئاتها الناخبة بعد نحو ثلاثة اسابيع. وقد تقدمت النيابية الى الصدارة عند النائب ميشال عون بعد ان رفضت قوى 14 آذار طرحه حاليا تعديلا دستوريا ينقل اختيار الرئيس الى الشعب بدل البرلمان ويقتصر في دورته الاولى على المسيحيين لينتقل الى المستوى الوطني في دورة ثانية وهو ما يعني بنظر المصدر نفسه تغييراً فعليا في بنية النظام من برلماني الى رئاسي في هذا الظرف الدقيق.
ففي لحظات التوتر الكبرى، كتلك التي تمر بها حاليا منطقة الشرق الاوسط، ثمة ضرورة للتمسك بالنصوص المرجعية و«اتفاق الطائف» من اولها للدفع باتجاه الوصل لا الفصل. فالتمسك بالعيش المشترك في مقابل الاصطفاف المذهبي يتطلب اولاً عدم تحريف الطائف، خصوصا ان استعادة التاريخ توضح أن أي طائفة، وإن في عزّ جبروتها ومهما تعسكرت او تعولمت، لم تنجح في تحقيق اية مكاسب الا بالوحدة الداخلية.
وقد تزامن طرح خارطة الطريق مع اعلان عن تمديد مرحلة التفاوض الغربي – الايراني على الملف النووي لاربعة اشهر اضافية بما كان من الممكن ان يوفر فرصة تهدئة قد تفيد في الخروج من ازمة الفراغ الرئاسي التي بات مصيرها غامضا في غياب مؤشرات عن حلول اقليمية، سواء في ما يتعلق بالتقارب الايراني – السعودي او بمآل العدوان الاسرائيلي المتفاقم على غزة او بما واجهه مسيحيو الموصل العراقية او المعارك اليومية المحتدمة على حدود لبنان الشرقية الشمالية ومواصلة بشار الاسد رمي بلدات وطنه بالبراميل المتفجرة.
ويرى المصدر ان «محور الممانعة والمقاومة» يعمل لاستغلال ما تعرّض له مسيحيو الموصل على يد «داعش» في مواجهة المجتمع الدولي للدفع باتجاه وصول مرشحه النائب ميشال عون الى سدّة الرئاسة. وبوصف تصويري سيكون الموقف كالتالي: تعويضا عن التنكيل الذي يواجهه المسيحيون عليكم تفضيل ايران وتعويضا عليكم كذلك ان تؤمّنوا لهم رئيسا قويا في لبنان يرفع من معنوياتهم بالضغط على ايران لتساهم بايصال عون الى سدة الرئاسة. ويذكر المصدر بسوابق في هذا المجال، فالنائب عون واصل لخمس سنوات (2000-2005) القول ان الحل اللبناني يرتكز اساسا على الخروج السوري الذي عمل له بالتعاون مع الكونغرس الاميركي وصولا الى صدور القرار 1559.
وتفيد معلومات عن جهود تبذل لمؤتمر مسيحي كبير شعاره الضمني «حلف الاقليات»، سيعقد في تشرين الاول على الارجح في الولايات المتحدة. وتجهد في سبيل هذا المؤتمر شخصية مسيحية مقربة من «التيار الوطني الحر» بالتعاون مع مجموعات اميركية متطرفة. ويلفت المصدر الى خطورة احتمال مشاركة روحية في مؤتمر سيتضمن شهادات حيّة توحي بأن العيش مع اهل السنة في الشرق الاوسط لم يعد ممكناً، ويطالب بقرارات دولية لحماية المسيحيين.