IMLebanon

تطبيع

فيما لا تزال حكومة المصلحة الوطنية غارقة في البحث عن جنس الملائكة بالنسبة الى صلاحيات رئيس الجمهورية، وكيفية استخدام هذه الصلاحيات وهل سيؤدي استخدامها حسب الوزراء المسيحيين الى التطبيع، بمعنى التعوّد على حكم البلاد بدون رئيس للجمهورية، بدأت تزدحم المشاكل الاجتماعية والحياتية وتتراكم أمامها، وتظهر هي كأنها عاجزة عن التصدي لها ومعالجتها قبل أن تتحوّل الى فاقة إجتماعية تهدّد الاستقرار العام الذي ركّز الوزير الأميركي جون كيري خلال زيارته القصيرة الى بيروت عليه، واعتبره أحد أهم الركائز الأساسية التي يعوّل عليها رئيسه باراك أوباما ويتمنّي استمراره الى أن يصار الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أقرب وقت ممكن.

ولعلّ أزمة الكهرباء التي بدأت تطل بثقلها من وزارة الطاقة، مع التهديد بالتقنين القاسي الذي يتجاوز الـ 15 ساعة في اليوم، هي خير مثال على عجز حكومة المصلحة الوطنية عن تحمّل مسؤولياتها في ظل غياب رئيس الجمهورية وهي تشكّل مؤشراً واضحاً لما ينتظر هذا البلد من مشاكل اجتماعية واقتصادية في ظل حكومة تبدو وكأنها تحوّلت الى حكومة تصريف أعمال ما دام نصف أعضائها من الوزراء المسيحيين ما زالوا يرفضون أن تمارس هذه الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية كما نص عليها الدستور، وتتحوّل جلسات مجلس الوزراء الى سوق عكاظ يتبارى فيها الوزراء المسيحيين مع الوزراء المسلمين باستثناء وزراء حزب الله الذي له مصلحة أساسية في بقاء الحكومة عاجزة، ومكربجة تراوح مكانها لكي يمتد الفراغ الرئاسي إليها حول جنس ملائكة صلاحيات رئيس الجمهورية، وما إذا كان يحق لرئيس الحكومة وضع جداول اعمال مجلس الوزراء قبل أو بعد موافقة كل أعضاء الحكومة وما إذا كان يمكن إصدار المراسيم بتوقيع أكثرية الوزراء أم أن الأمر يحتاج بالضرورة الى توقيع جميع الوزراء الى نصاب التصويت داخل مجلس الوزراء لاتخاذ القرار وما إذا كان الأمر يحتاج الى الأكثرية المطلقة أم الى أكثرية الثلثين أم الى الإجماع، فيما رئيس الحكومة الذي ضاق صدره وكاد يفقد صبره يحاول ويسعى للخروج من هذا المستنقع الحواري الذي لا جدوى ولا فائدة منه لإعطاء حكومته دفعاً بل فرصة لتسيير شؤون البلاد بعيداً عن التنظير والتطبيع بانتظار أن يتفق اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للبلاد ويتسلّم الأمانة من حكومة المصلحة الوطنية قبل أن تذهب الى بيتها بعدما تكون قد ملأت الفراغ الرئاسي على أحسن وجه وتحمّلت مسؤولياتها تجاه الله والشعب ولم تترك البلاد في حالة ضياع كما يراد لها من خلال تصرفات الوزراء المسيحيين داخل مجلس الوزراء، وإصرارهم على شل الحكومة بحجة ضرورات المصلحة الوطنية التي تقتضي عدم التطبيع في ظل استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية، والخوف بالتالي من التعوّد على بقاء لبنان بدون رئيس الى ما شاء الله طالما أنه يوجد حكومة تضم كل المكونات اللبنانية تقوم مقام الرئيس وتسيّر شؤون البلاد والعباد بشكل طبيعي بحيث ينتفي الشعور بوجود خلل في الحكم يقضي لاحقاً على الصيغة وعلى الميثاقية.