يختلف الحديث عن التطورات في منطقة عرسال بالتزامن مع بعض ما يجري في مدينة طرابلس، باختلاف موقع المتحدث وانتمائه السياسي والمذهبي في وقت واحد، الى حد القول ان ثمة ترابطا مذهبيا يجمع بين التطورات، لاسيما ان بعض ما يقال عما حصل ويحصل في طرابلس، هو بمثابة رد فعل على ما حصل ويحصل في عرسال من دلائل سنية يمكن ان تصل في بعض الاحوال الى ما حصل ويحصل في مدينة صيدا السنية اضافة الى المجريات المرتبطة باحداث وقعت في عدد من المخيمات الفلسطينية ذات الغالبية السنية؟!
على اساس مجمل ما تقدم، تبدو الصورة الشيعية في مكان متلازم حيث الحديث يختلف جذريا عن الوضع في مناطق اخرى ذات غالبية مذهبية مختلفة، خصوصا عندما تتوفر رسائل التخويف من تنظيم القاعدة مثلا الى تخويف اسوأ من تنظيم «داعش» السني الارهابي باتجاه اسوأ من كل ما قامت وتقوم به حركة طالبان التي نقلت الاسلام من الوسطية الى ابشع انواع التطرف بدليل ما حصل ويحصل بين افغانستان السنية وباكستان ذات الغالبية الشيعية وصولا الى المخاوف المسيطرة على المناطق ذات الغالبية السنية في منطقة الخليج العربي من الغالبية الشيعية في كل من ايران وبعض الدولة الحليفة، بفعل الحال المذهبية القائمة مثلا في العراق حيث لم يعد الحكم يعرف كيف يطور علاقة الشيعة مع السنة الا من خلال التخويف بتنظيم داعش الذي يشكل اسوأ انواع المذهبية السنية التي لا تلتقي مع غيرها من المذاهب السنية؟!
هذا المشهد غير متوفر على الساحة اللبنانية باستثناء ما تردد اخيرا عن ان «داعش وصلتنا عبر الحدود السورية من خلال قوافل النازحين» من غير حاجة الى تأكيد ذلك او نفيه حيث ان حال النفي متوفرة وليس من هو بحاجة الى تأكيد ذلك، الا من قبل من يرى في كثافة الاندفاعة السنية مؤشرا الى داعش والى اسوأ منه لتخويف غير السنة، والمقصود بذلك الطائفة الشيعية التي على حد فاصل مع الاندفاعة السنية التي وصلتنا من المعارضة السورية، وهي تحولت بين ليلة واخرى الى «داعشية» ستأكل اخضر لبنان ويابسه انطلاقا من الخلاف مع الشيعة، بحسب ما اشارت اليه بداية الاحداث قبل زهاء اسبوع من الان. هذا الحدث مرشح لان يتطور الى حد القول ان «داعش لن تكتفي بحصتها من عرسال، طالما ان المناخ متوفر لها في طرابلس ومناطق شمالية سنية»!
هل صحيح ان بين المسلحين في عرسال «جماعة داعشية» تستوجب مثلا شن حرب عليها من قبل الجيش اللبناني، ام ان الامور مفبركة الى حد القول ان الشيعة تقف وراء فتح النار على عرسال، قبل ان تتطور الامور الى حد تحول الوسطيين السنة الى داعش كي يدافعوا عن انفسهم واذا كان من مجال لسؤال اي مواطن غير مسلم عما جرى ويجري في عرسال وطرابلس بالتزامن العسكري – الحربي يعبر عن ذلك بما يسمعه من جار شيعي او جار سني يتأثر باحدهما في بناء وجهة نظره، خصوصا ان الخوف المسيحي قائم على اساس ما يتردد عن المجازر التي تستهدف الاقليات المسيحية في كل من العراق وسوريا (…)
بالنتيجة، هذه ليست وجهة نظر بقدر ما تشكل عينة عما هو مزروع في رؤوس الاقليات المسيحية قياسا على ما ليس بوسع احد تجاهله بالنسبة الى مجازر العراق وسوريا على ايدي الداعشية كما ليس بوسع احد القول ان الداعشيين لم يصلوا الى لبنان طالما هناك من يجزم بان المعارك قائمة قاعدة معهم في عرسال وفي بعض جوانب احداث طرابلس، حيث يكفي القول انه يكفي الادعاء والزعم ان تنظيم «داعش» موجود ليخاف الجميع على مصالحهم!
الذين على قرب من احداث عرسال يرون ان «داعش» بعيدة تماما عما يجري هناك، الا من خلال تصورات قد تكون او لا تكون واضحة وحقيقية، لان الخلفية السورية من جهة عرسال تكاد تؤكد ان داعش غير موجودة هناك الا في اذهان من زرعها من المخابرات السورية، والا لكان حزب الله قد عرف ذلك قبل سواه طالما انه لعب دورا عسكريا في «المقلب» السوري الذي يوصف بـ «القلمون» وحيث لم يقل احد ان مقاتلي الحزب كانت لهم معارك مع داعش، فيما يعرف الجميع هناك ان المعارك دارت مع جماعة النصرة، وهيهات بين من يعرف ماهية النصرة وبين من يعرف او لا يعرف ماهية داعش على الارض السورية وهذا التساؤل من الصعب الجواب عليه لدى غير حزب الله؟!