يوحي رئيس التيار الوطني رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وكأنه جدير برئاسة الجمهورية، فيما يبدو من خلال تصرفه السياسي وكأنه يسعى الى تأييد الفراغ القاتل في رئاسة الجمهورية، جراء عدم إعتباره مرشحاً توافقياً وهو غارق حتى أذنيه في «تحالف مكبل» مع حزب الله، الذي يسعى بدوره الى تكريس الفراغ متشبثاً بدوره بل وبقدرته على منع إنتخاب رئيس الجمهورية، على رغم إدعاء بعض أقطاب الحزب أنهم مع المرشح الذي لم يعرف الى الآن كيف يعلن ترشحه.
المؤكد في كل ما تقدم ان «الجنرال» منتش بقدرته على تعطيل الإنتخابات، مع العلم انه يعرف أن استمرار الفراغ لن يوصله الى قصر بعبدا طال زمانه أم قصر. وفي الحالين ان الهاء اللبنانيين بصلاحيات الحكومة لا يغير حرفاً في برنامج عون الإنتحاري الذي يقصد من ورائه القول إنه ليس على خلاف مع حزبي الكتائب والقوات، عندما يقول إن مباحثاته مع رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري لن تكون على حساب الكتائب والقوات، فيما هناك من يجزم بأن غاية عون من الإتصال بالحريري تقوم على أساس أن لا مجال للتفاهم مع قريطم قبل فض التحالف بين الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إضافة الى رغبة عون في إقصاء جعجع عن السباق الرئاسي كمقدمة لافهام من لم يفهم بعد، إن مجالات تراجع الجنرال عن التحالف مع حزب الله يحتاج الى ثمن سياسي يتجاوز الأمور السياسية العابرة الى ما يوصل عون الى بعبدا وكل ما عدا ذلك لن يقرب من موعد الإنتخابات؟
إن تمسك عون بوجهة نظره من الحرب السورية وإن مشاركة حزب الله فيها، يعني أن الرجل يحاول اللعب على الألفاظ في مسعاه للتقارب مع الطائفة السنية، على رغم معرفته ان ذلك لن يتحقق قبل إنسحاب الحزب من الحرب السورية، إضافة الى تسليم سلاحه الى الدولة الأمر الذي يعني تكراراً أن تيار المستقبل لن يقبل بعون حليفاً مهما إختلفت مرحلة الفراغ الرئاسي (…)
تجدر الإشارة هنا الى ان الشغور الرئاسي سيتسبب بحال طوارىء دائمة، خصوصاً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يتراجع عن إجتهاده القائل ان جلسة إنتخاب الرئيس تحتاج الى ثلثي عدد النواب، فيما تنشط مقاطعة عون وحزب الله وحلفائهما الجلسات، ما يعني ان لا مجال لانتخاب رئيس في المستقبل المنظور، بدليل دخول لبنان الأسبوع الثاني من الفراغ الرئاسي في حين تنشط السجالات حول صلاحيات الحكومية التي تعمل بحسب إجماع المراقبين وكأنها ستنتهي غداً؟
وفي المقابل، جاء خلاف حزب الله مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على خلفية زيارته الأراضي المقدسة، ليزيد نار التباينات السياسية اشتعالا لأن بكركي وإن لم ترد على تحديات حزب الله، فلأنها لا تريد أن تعطي الحزب «ورقة مقايضة»، إضافة الى أن بكركي لا ترى حاجة لأن تبرر ما قام به البطريرك الراعي عن قناعة مطلقة بالنسبة الى زيارة رعاياه في فلسطين المحتلة، الأمر الذي يجعل من هكذا سجال في مصلحة تكبير حجم حزب الله، ونظرته الى الأمور السياسية والعامة.
أما الذين يعولون على نتائج إيجابية أو سلبية لا فرق على المساعي القائمة لخلق حال تفاهم بين السعودية وإيران، كذلك بين أميركا وإيران، على هؤلاء أن يعيدوا تقويم حساباتهم «لأن إيران لن تقدم حلولاً لا تصب في مصلحة حزب الله، والأمر عينه ينطبق على موقف المملكة العربية السعودية التي لا تريد للبنان أن يصل الى حد إجبار لبنان على تجريح كأس حزب الله وخروجه عن التآلف الوطني مهما إختلفت الإعتبارات».
وكخلاصة حتمية لمواقف الداخل والخارج من الإنتخابات الرئاسية هناك من يجزم بأن أي حل سياسي لا ترضى عنه غالبية اللبنانيين يبقى بمثابة إجبار البلد على لعب أوراق ليست في مصلحة سوى حزب الله، وأي تصور آخر سيجافي الحقيقة الوطنية القائلة أن من يبيع وطنه لن يكون جديراً بأن يتحكم بمسار الإنتخابات الرئاسية مهما إختلفت الظروف، لاسيما إن من يتحدث عن تفاهات مرتقبة يعرف أكثر من غيره إن مصلحة لبنان العليا تكمن في إعادة حزب الله الى حجمه السياسي والشعبي. وأي تصور أخر يقدم حلاً ناجحاً للإنتخابات الرئاسية، لاسيما ان محيطنا المشتعل لن يتغير واقعه إلاّ في حال تغيرت أوضاعنا؟!