غاب رئيس الحكومة تمام سلام، أمس، عن السمع، وكذلك سيفعل أيضاً خلال اليومين المقبلين. يريد الرجل أن يرتاح بعدما لمس خلال الأيّام الماضية تعذّر التوافق على آليات عقد جلسات لمجلس الوزراء أو حتى جلسات تشريعية للمجلس النيابي.
فالركود قائم مع غياب أي تحرك ملفت جديد، برغم أن اللقاءات التي عقدت، واهمها لقاء رئيس المجلس نبيه بري بكل من الرئيس سلام والنائب العماد ميشال عون، أرست تفاهمات على تمرير مرحلة انتظار التوافق بأقل قدر من التوتر السياسي، وعدم التهرب مما يعتبر ضرورة استثنائية لاتخاذ قرار فيه سواء في الحكومة او البرلمان.
واذا كان ثمة من راهن على ان زيارة وزير الخارجية الاميركية جون كيري ستدفع بالامور الى تقدم ايجابي، فقد خاب رهانه، لان نتائج الزيارة ومفاعيلها انتهت مع انتهائها، لا بل انها اثارت استياء هنا واستياء هناك بقدر ما اثارت من التباسات سياسية، بحسب ما قرأها كل طرف من طرفي الازمة الداخلية، لدرجة ان البعض تساءل عن السبب الحقيقي للزيارة وعن الهدف من التصريحات التي ادلى بها كيري في السرايا الحكومية ولأي طرف موجهة وما هي مفاعيلها الحقيقية العملية، لا سيما وأن بعض مواقفه حول بعض القضايا التي اثارها، لم تكن مدار بحث في اللقاءات التي عقدها مع بري وسلام والبطريرك بشارة الراعي، باستثناء موضوعي ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية ومساعدة لبنان في معالجة ازمة النازحين السوريين.
ولعل التطورات السورية الاخيرة بعد الانتخابات الرئاسية والتقدم الميداني للجيش السوري، فرضت ايقاعها ايضا على الوضع اللبناني ترقبا لما ستؤول اليه الاوضاع السورية في المحصلة السياسية، إذ في حين يرتاح حلفاء سوريا في لبنان لما جرى، يبدي خصومها قلقا كبيرا من تسويات بين القوى الدولية الكبرى، اقل ما يمكن ان تتركه مؤشراتها من تأثيرات على لبنان، هو اطالة عمر الشغور الرئاسي واستمرار “الكباش” السياسي.
ومع ذلك يقول احد نواب “كتلة الاصلاح والتغيير”، ان لقاء بري- عون كان في المحصلة العامة ايجابيا، واسس لمرحلة تفاهمات يمكن ان تطرأ حول معظم الملفات المطروحة، من الاستحقاق الرئاسي الى حضور جلسة مناقشة سلسلة الرتب والرواتب – اذا حصل توافق بين الكتل حول مواردها وعطاءاتها – وصولا الى ضرورة اجراء الانتخابات النيابية في الخريف المقبل، باعتبارها اولوية بالنسبة لـ”التكتل”، خاصة اذا طال الشغور في موقع الرئاسة الاولى.
واكد النائب المذكور، ان بري وعون اتفقا على آليات متابعة المواضيع التي اثيرت، لكن موضوع حضور الجلسات التشريعية للمجلس النيابي لم يحسم في اللقاء، وهو سيبقى قيد المتابعة بين الطرفين.
وعلى خط موازٍ، يقول وزير في تيار بارز من فريق “8 اذار”، ان موضوع ممارسة مجلس الوزراء لصلاحيات رئيس الجمهورية لم يحسم، ومن الصعب ان يحسم في القريب العاجل بوجود وجهات نظر دستورية مختلفة اولا، وبوجود آراء متباينة بين مكونات الحكومة حول ادارة البلاد والاقتصاد والشأن الاجتماعي، لذلك لا بد ان تأخذ الاتصالات مداها بين الكتل السياسية للخروج من المأزق.