IMLebanon

تعقيدات إضافية مفتوحة في الاستحقاقات على وقع التصعيد بين إيران ودول خليجية

لم تخف مصادر سياسية في لبنان مزيداً من التوتر السياسي على خلفية التطورات في العراق واندفاع الرئيس الايراني حسن روحاني الى اتهام دول عربية بدعم “الارهابيين” ملمحاً الى دول خليجية بتمويل الجهاديين ومحذراً في ما قد يكون فهم بتهديد مبطن عبر قوله “ننصح الدول التي تساعد الارهابيين بأموالها من البترودولار بأن تكف عن ذلك وعليها ان تعي ان دورها سيأتي غدا”. وتردد صدى هذا الكلام الايراني مضمونا وشكلا في بيروت عبر كلام لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي قال: “فشلتم في سوريا وفشلتم في العراق وعندما وجدتم العراق يتجه الى تشكيل حكومة لا تنسجم مع مصالحكم وسياساتكم أفلتم داعش من عقالها وستعود اليكم بعد ان يسقطها شعبنا في العراق الذي لن يترك وحيدا حتى وان خان من خان وسلم من سلم”. فالزيارة التي قام بها امير الكويت الى طهران اخيرا لا يبدو انها نجحت في ارساء بوادر مصالحة للدول الخليجية مع طهران او انها اجهضت في مهدها نظرا الى اعتبار ايران الثورة السنية ضد حكم نوري الملكي والسلطة العراقية تعبيرا مدعوما من الدول الخليجية من اجل تطيير اي فرصة للمالكي في ولاية ثالثة فيما لم تخف مصادر ديبلوماسية ان تكون ايران قد اعتبرت ذلك تحديا مباشرا لنفوذها في العراق في اعقاب احتفالها بتثبيت بشار الاسد في منصبه لولاية جديدة من دون صعوبة تذكر.

كان هناك مواقف لايران ايضا حاولت فيها الاعتراض على عدم الانخراط الاميركي جنبا الى جنب معها في العراق عسكريا مثلما كانت اوحت التصريحات الاميركية على اثر المشاورات التي جرت حول العراق بين ايران والولايات المتحدة حول الملف النووي الايراني. وفيما اعتبرت طهران ان الرئيس الاميركي يفتقد “ارادة جدية” لمحاربة الارهاب في العراق والمنطقة رداً على تصريح اوباما بأن ايران يجب ان توجه رسالة الى كل الطوائف العراقية اعلن مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي رفض اي تدخل اميركي في العراق. فالاعتراض في كلام خامنئي كان على دفع الاميركيين في اتجاه تخلي ايران عن المالكي والافساح في المجال امام حكومة جامعة تستوعب جميع الطوائف وتقفل الباب امام احتمال نشوب فتنة داخلية او الدفع نحو تقسيم العراق في حين لا تود ايران ان تسجل تنازلها عن المالكي تحت الضغط ما قد يعد مكسبا لدول الخليج التي تعتبر المالكي عقبة رئيسية امام وحدة العراق واستعادة سيادته.

وتنظر مصادر سياسية في لبنان بقلق الى كيفية تلقف ايران موضوع التطورات العراقية وصياغتها من ضمن الصراع القائم في المنطقة، علما ان هذه التطورات قد تكون في جانب منها كذلك لكن من دون اهمال تجربة سنوات مريرة لحكم المالكي في العراق التي استفزت الطوائف والمذاهب العراقية وصولا الى الزعماء الشيعة انفسهم، فلا تأخذ ايران بفشل المالكي ولو انها سعت الى التخفيف من الطابع المذهبي السني الشيعي لما يحصل في العراق وتدخلها على هذا الاساس من اجل دعم رئيس الوزراء. فرد الفعل الايراني الذي تردد صداه تهديدا مماثلا لدى مسؤولي الحزب في بيروت لا يبدو مؤشرا مشجعا على امكان تسهيل انجاز الاستحقاقات اللبنانية في المدى القريب ولو ان البعض اعتبر ان التحديات التي طرأت على الوضع الايراني في العراق قد يشكل حافزا من اجل عدم ترك الساحة اللبنانية مفتوحة على مفاجآت تبعا لتطورات قد تكون محصلتها سلبية في العراق على المدى القريب. وهذا يبدو رهانا لا يسقطه بعض المتابعين من الاعتبار لكنه غير محتمل في رأي غالبية اخرى من المراقبين المتابعين الذين يخشون دخول تعقيدات اضافية على الساحة اللبنانية يخشى ان تبعد اكثر فاكثر احتمال تثمير افكار سياسية في لبنان راهنا ابعد من المحافظة على استقرار الحد الادنى. اذ يقول هؤلاء ان رد فعل بعض العواصم المؤثرة على التطورات الاخيرة في لبنان لجهة التحذيرات التي وجهت الى رعاياها لم يأت كرد فعل على الاحداث الامنية التي شهدتها العاصمة يوم الجمعة الماضي بمقدار ما عبر عن مخاوف مما هو متوقع او يخشى تردد صداه في لبنان في ضوء التطورات العراقية ومواقف القوى الاقليمية وتجاذباتها هناك. ويضيف هؤلاء ان تولي روحاني نفسه سوق الاتهامات للدول الخليجية بما يعني ذلك من تجاوز النظريات حول وجود اتجاهين سياسيين في ايران احدهما معتدل برئاسة روحاني وظريف والاخر متشدد برئاسة الحرس الثوري والجنرال قاسم سليماني ورفض ايران الاستغناء عن المالكي انما يعني بالنسبة الى المراقبين المتابعين احد احتمالين: انه اذا كان ثمة مشروع تقسيم مخفي للعراق على رغم كل الضجيج العلني الرافض او المستهجن فمن غير المرتقب الاتيان ببديل للمالكي يمكن ان يوحد العراقيين مجددا لان ليس هذا هو المطلوب. ثم ان المالكي قد يكون غدا كبشار الاسد رمزا لصراع في المنطقة بين ايران والدول التي اتهمها روحاني بدعم الارهاب “بحيث قد يكون اسهل تقسيم المنطقة من الاستغناء عن كل منهما. في حين ان التسوية في حال كانت واردة فانها ستبدأ من هناك قبل ان تنعكس تاليا على لبنان. ولا يبدو ذلك متاحا في الافق حتى الان في ظل استمرار تطور الاحداث.