IMLebanon

تعيين دي ميستورا على وقع الحل الديبلوماسي

 

يكتسب تعيين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للديبلوماسي ستيفان دي ميستورا موفداً خاصاً للمنظمة الدولية لحل الأزمة السورية بُعداً مهماً نظراً للاهتمام الذي توليه الأمم المتحدة للحل السياسي في سوريا وضرورة وضع المساعي على السكة مجدداً.

ويأتي تعيين دي ميستورا خلفاً للأخضر الابراهيمي وقبله لكوفي أنان. خصوصية دي ميستورا أنّه يعرف المنطقة جيداً، وهو معروف بخبرته الواسعة في مهمّات تفاوضية كبيرة أبرزها في افغانستان ولبنان ومتابعته ملف القوّة الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل». مهمّة دي ميستورا صعبة لكنها غير مستحيلة، لذلك السؤال المطروح هل تكون حظوظه أكبر من سلفَيه لا سيما وأنّ مهمته لا تدخل في صلبها فقط الخبرة التفاوضية، إنّما هناك مصالح دول تؤثّر في الوضع السوري، فضلاً عن مصالح اللاعبين السوريين على الأرض. في كل الأحوال يمثّل تعيينه رغبة أكيدة في الاستمرار في السعي الديبلوماسي لحل أزمة سوريا.

هناك نقطة مهمّة في تعيينه هي انّ كي مون تواصَلَ مع الحكومة السورية كما تواصَلَ مع الجهات السورية الأخرى قبل إنجاز هذا التعيين، ولم يكن أي طرف ليضع «فيتو» عليه. لذلك تم التعيين، وحصل أن بات هناك مجدّداً رأس للمهمّة ومحاولة جديدة للعملية السياسية في سوريا، طبعاً تحت عنوان مؤتمر «جنيف1» و»جنيف2».

ومن المرتقب أن يضع دي ميستورا خطة لتحرّكه ولمعاودة الاتصالات مع كافة الأطراف السورية، والاقليمية والدولية التي لها علاقة بالملف السوري. لكن تستبعد مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة أن تكون هناك خطة سريعة للتحرك.

مرور القرار الإنساني الأخير حول سوريا في مجلس الأمن، دلالة على أنّ واشنطن وموسكو متفقتان على تمرير المرحلة السورية، وأن لا اعتراض من البلدين حول تعيين دي ميستورا، وأنّ الأمين العام استمزج رأيهما بالموضوع. المهم الآن، وفقاً للمصادر، إلى أي مدى بالإمكان إرساء مؤتمر «جنيف3». الآن لا توجد مراجعة لأداء أي طرف خارجي حيال الوضع السوري، كما لا يوجد جهد لاتفاقات جديدة يجري العمل لإطلاقها. كل المعطيات تؤشّر حالياً إلى أنّ الوضع الدولي، وتلك المحيطة بسوريا الآن لا يشجعان على إرساء «جنيف3»، إنّما إذا توافرت الإرادة السياسية لدى كل اللاعبين بالملف السوري، فمن المؤكد أنّ اختراقاً يمكن أن يحدث في مجال حل الأزمة السورية. الموضوع العراقي يعقّد حل الأزمة السورية. الأكراد باتوا خارج الحكم، وتنظيم «داعش» يزداد قوّة، وهناك بالتالي مشكلة بنيوية. هناك التفاوض الدولي مع إيران ولا يزال مصيره غامضاً في انتظار ما بعد 20 تموز الجاري، فضلاً عن أوضاع كل من تركيا ومصر، ثم الوضع المنفلت عدواناً إسرائيلياً على غزة، إلى حد أنّ الوضع في المنطقة بات يستلزم حلاً شاملاً، وبالتالي كل ذلك ينعكس على أزمة سوريا التي باتت أكثر تعقيداً.

وتفيد المصادر أنّ أي نتيجة تصدر عن دي ميستورا وعن الأمم المتحدة لمعاودة التفاوض السوري السوري تعد أمراً إيجابياً. وقد ينتج عن مساعي دي ميستورا إعادة النظر في الأطراف المشارِكة في مؤتمر «جنيف3» والجهات التي ستُدعى إليه في حال تمّ التفاهم على عقده.

الوضع السوري حالياً لناحية المساعي الدولية يتخذ ثلاثة أوجه؛ الأوّل مسار إزالة السلاح الكيماوي، فانتهت مرحلة نقل المواد المعلنة والآن مرحلة التأكد من استعمال الكلورين في كفرزيتا. ثانياً: مرحلة صدور القرار الأخير والذي يأتي استكمالاً للقرار الإنساني السابق 2139. ثالثاً: المسار السياسي عبر السعي لإعادة تفعيل العملية السياسية.

ومن الأهمية بمكان وجود شخصية مثل دي ميستورا يمكن أن تكون محاوِراً مقبولاً من كل الأطراف، وعلى أساس المرجعيات السياسية المحدّدة للحل في سوريا. نجاح مهمّته أو فشلها لا يزال غامضاً. المهم أنّ العملية السياسية الدولية ستُستكمل ووجود شخصية لديها خبرة في المنطقة، وتفهم الحساسيات وتستطيع التعامل مع الواقع أمر يساعد في الحل.

مع أنّ الحل في سوريا ليس متعلقاً بالاشخاص الساعية له، إنّما بتوازنات اقليمية ودولية، وسورية في الدرجة الأولى. التوازنات على الأرض مؤثّرة في مساعي الحل. والأسئلة المطروحة، هل إنّ شروط «جنيف» لا تزال تناسب الأطراف السورية، وأي تفسير لجنيف سيُعتمد، وهل يتمكن دي ميستورا من تأدية دور الوسيط الحقيقي، ويحاول تقريب وجهات نظر الأطراف.

ويجدر التوقّف عند هوية دي ميستورا الايطالية، وبلاده لم تتخذ موقفاً ريادياً في التطرّف ضدّ النظام مثلاً مثل اسبانيا واليونان، ومعظم دول جنوب أوروبا، خلافاً لما هي عليه مواقف فرنسا وبريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يمكّنه من هامش أكبر في تأدية دوره.