لم تتأخر ترجمة التوقعات التشاؤمية بانتقال الحرب السورية الى لبنان من بوابة عرسال ومناطقها الجردية بعد تفجر الوضع الميداني في البلدة بين الجيش اللبناني ومجموعات أصولية مسلحة، مما أدخل الوضع العام في دوامة النار السورية وفتح الباب امام مرحلة جديدة على الصعيدين الامني والسياسي. وعلى الرغم من نجاح القوى اللبنانية في الصمود امام ارتدادات الاتون السوري على مدى الاشهر الماضية، فان الاحداث العسكرية المستمرة تنذر وبحسب تقارير ديبلوماسية، بخطر كبير بدأ يتهدد المناطق الحدودية بقاعاً وشمالاً وبالتالي يضع لبنان برمته والمؤسسة العسكرية كما الاجهزة الامنية كافة امام الامتحان بعدما باتت المؤسسة الوحيدة في الساحة التي تقف بمواجهة سيناريو الارهاب الذي يزحف الى لبنان فيما تنشغل الاطراف السياسية بالتلهي بالملفات السياسية وبتقاذف التهم حول مسؤولية كل طرف في الوصول الى حال الجمود السياسي والشغور في رئاسة الجمهورية.
ومع ارتفاع وتيرة المخاوف في الشارع البقاعي اولا وفي كافة المناطق الشمالية ثانياً من خطر الارهاب وتنظيم «داعش»، نبّهت التقارير الى الضغط الهائل الذي تتعرض له الاجهزة الامنية التي تواجه الارهابيين المسلحين في جرود عرسال اليوم كما تواجه محولات تفجير الوضع الامني في طرابلس مروراً بعملياتها الامنية في القرى الجنوبية في الاسابيع الماضية وذلك تزامناً مع تطبيق اجراءات امنية في كافة مناطق العاصمة وضواحيها منذ بدء تنفيذ الخطة الامنية التي اقرتها حكومة الرئىس تمام سلام منذ اشهر. كذلك ركزت على أهمية تخطي كل الاصطفافات السياسية التي أدت الى حال الاحتقان الراهنة، والتلاقي لدعم الجيش وكافة المؤسسات الامنية الرسمية من خلال استنفار سياسي شامل في صفوف فريقي 8 و14 آذار وذلك لمواكبة جهود الجيش وتأييد قرار قيادته الواضح والحاسم بمحاربة كل المسلحين والحد من اعتداءاتهم على السيادة اللبنانية، بما يكفل اسقاط كل المخططات المرسومة والتي يجري الحديث عنها منذ مدة وهي احتلال اراض لبنانية وخطف مواطنين لمبادلتهم بموقوفين ارهابيين.
وفي هذا السياق لاحظت التقارير الديبلوماسية انه وفي ضوء المواقف السياسية المسجلة في الساعات 48 الأخيرة، فان القرار العسكري بالحسم المتخذ من قبل الاجهزة الامنية هو بمثابة الاختبار الجدي والحقيقي لمناعة هذه المؤسسات من جهة كما للوعود الدولية بدعم الجيش في معركته مع الارهاب من جهة اخرى، كذلك فان اعلان كل من فاعليات ومكونات فريقي 8 و14 آذار الداعم بشكل مطلق للجيش هو اليوم امام تحدي الترجمة الفعلية لأن الدعم الكلامي لا يفيد في المعركة مع الارهابيين الذين يهددون لبنان كله وليس فقط طرفاً او منطقة بشكل خاص. ولفتت الى ان اللقاء ما بين قائد الجيش جان قهوجي والسفير الاميركي في بيروت في الساعات الماضية يندرج في اطار التأييد لما تقوم به المؤسسة العسكرية والهادف الى الحؤول دون دخول النار السورية الى لبنان من بوابة عرسال، مع العلم ان الاشتباكات تجري في الجانب اللبناني من الحدود مع سوريا، سواء أكانت في السلسلة الشرقية والجرود او في داخل بلدة عرسال.
وشددت التقارير على ان استمرار الانقسام السياسي حول المواجهات المندلعة في عرسال وارتفاع وتيرة الحملات السياسية الاخيرة، مؤشر على ان المؤسسة العسكرية تقف وحدها في مواجهاتها مع الارهابيين في ظل غياب التفاهم السياسي بين كل القوى السياسية في المنطقة، اي في عرسال والقرى المجاورة، وبالتالي فان الفوضى قد تكون مرشحة الى الامتداد الى نقاط عدة خصوصاً في الشمال اذا ما غاب القرار السياسي الواحد داخل الحكومة، اي عجزت السلطة السياسية عن الامساك بزمام الامور خاصة ان الحكومة الحالية هي حكومة ربط نزاع وليست حكومة وحدة وطنية اذ تتحكم بها الانقسامات التي تسيطر على الشارع والتي تمنع التفاف كل مكوناتها حول مسار وقرار أمني موحد.