IMLebanon

«تقييم واقعي» بين بري وسلام: التسوية لم تنضج

بطاركة الشرق يحمّلون المجتمع الدولي مسؤولية «داعش» والراعي يطلب مساعدة الدول الكبرى في الرئاسة

«تقييم واقعي» بين بري وسلام: التسوية لم تنضج

 

بين عين التينة وبكركي، صرختان وجدانيتان تردّدت أصداؤهما أمس داخلياً وديبلوماسياً، بحيث حملت الأولى نداءً من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى جميع مكونات الوطن يحثهم فيه على تحسّس هول الأخطار المحدقة دستورياً وأمنياً، بينما عبّرت الصرخة الثانية عن استياء بطاركة الشرق من التخاذل الدولي الفاضح أمام الإرهاب المستفحل في المنطقة ومن التلكؤ السياسي الحاصل في إنجاز الاستحقاق الرئاسي مع التشديد على أنّ «انتخاب الرئيس واجب قبل اتخاذ أي قرار بشأن الاستحقاق النيابي». وفي الغضون لوحظت حركة أمل معقود على إمكانية تدوير زوايا الأزمة الدستورية الناجمة عن الشغور الرئاسي من خلال اللقاءات التي يعقدها رئيس مجلس النواب نبيه بري وشملت أمس الرئيس سلام، بحيث أجرى الجانبان «تقييماً حقيقياً وواقعياً للوضع السياسي القائم» خلص وفق ما أوضح الوزير محمد المشنوق لـ«المستقبل» إلى تكوين قناعة مشتركة بأنّ «التسوية لم تنضج بعد في ظل عدم تسجيل أي نقاط تراجع في المواقف إزاء الاستحقاق الرئاسي».

وزير البيئة وصف لقاء رئيسي المجلس والحكومة بأنه «كان إيجابياً» وأتى في إطار «رغبتهما المشتركة بتفعيل عمل المؤسسات في أسرع وقت لأنّ ظروف البلد باتت بالغة الدقة والحساسية»، مؤكداً في هذا السياق «ضرورة عدم الاستمرار في التباعد بين كافة الأفرقاء ووجوب السعي لتحقيق خرق إيجابي في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية».

وكان سلام قد شدد من عين التينة إثر لقاء بري على كون «التشاور مع مرجعية وطنية وجادة في العمل لإيجاد المخارج والحلول أمراً ضرورياً»، محذراً من أنّ «البلد يدفع الثمن غالياً نتيجة الشغور الرئاسي». وطالب في ما خصّ ملف العسكريين المفقودين بإبعاده عن المزايدات والتأويلات الإعلامية والسياسية، لافتاً الانتباه إلى أنّ هذه المسألة «تحتاج إلى كثير من الدراية والتكتم» لأنها كناية عن «معركة طويلة مع أشخاص لا يعرفون ديناً ولا مبدأ ولا هوية»، مع التأكيد على أنّ الحكومة تتحمّل مسؤوليتها كاملة وتسعى جاهدة بكل ما تملك من اتصالات ومساعٍ، داخلية وخارجية، من أجل ضمان سلامة العسكريين.

بطاركة الشرق

تزامناً، أعرب بطاركة ورؤساء الكنائس الشرقية من بكركي عن ألمهم جراء «السكوت الإقليمي والفتور الدولي» تجاه ما يتعرض له المسيحيون في المنطقة، وطالبوا إثر اجتماع عقدوه بحضور البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي وانضم إليه سفراء الفاتيكان والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في إعادة الأسر المسيحية المهجرة قسراً عن منازلها، والدول العربية والإسلامية بإصدار «فتوى دينية جامعة تحرّم تكفير الآخر وتجرّم الاعتداء على المسيحيين وممتلكاتهم وكنائسهم».

كما شدد البطاركة على دور المجتمع الدولي في استئصال الحركات الإرهابية من المنطقة، محمّلين هذا المجتمع «المسؤولية عن تنامي «داعش» وسواها من التنظيمات والحركات التكفيرية والإرهابية»، ومطالبين الأسرتين العربية والدولية بالضغط «على ممولي هذه التنظيمات».

وفي الشأن الرئاسي اللبناني، وجّه البطاركة نداء إلى «الكتل السياسية ونواب الأمة» يدعونهم فيه إلى «فصل انتخاب رئيس الجمهورية عن مسار الأوضاع والصراعات الإقليمية والدولية التي لم يرتسم أفقها بعد، والإسراع إلى التشاور الجدي والتفاهم لانتخاب الرئيس كي ينتظم عمل المجلس النيابي وتُسهّل مهمات الحكومة».

الراعي

وعشية مغادرته إلى الفاتيكان، أكد البطريرك الراعي أمام سفراء الدول الكبرى أنه «لا يزكّي ولا يقصي أي مرشح لرئاسة الجمهورية»، نافياً ما يُشاع عن «أسماء تطرحها بكركي» للرئاسة، وجدد دعوة النواب إلى المشاركة في جلسة الانتخابات الرئاسية «وانتخاب الرئيس انطلاقاً ممن يعتبرونه الأقوى». ونقلت مصادر المجتمعين لـ«المستقبل» أنّ البطريرك توجّه إلى سفراء الدول الكبرى بالقول: «عليكم أن تساعدونا لانتخاب رئيس للجمهورية من خلال توجّهكم إلى الدول الإقليمية صاحبة القدرة والقرار في المنطقة، وأنا أؤكد أمامكم أنني لا أدعم أي شخص إنما كل ما يهمني هو ملء موقع الرئاسة الأولى».