لفتني، أمس، كلام النائب ميشال عون الذي تناول فيه التطوّرات والمستجدات في عرسال ومحيطها، فنحيّيه على اهتمامه، لافتينه الى أنّ كلامه على شهداء الجيش يجعلنا نستذكر 13 تشرين الاول 1990، وما لحق بالجيش اللبناني في ذلك اليوم من خسائر أصابت المؤسّسة العسكرية كما أصابت لبنان كله.
كنا ننتظر من عون، إنطلاقاً من علاقته المميّزة مع «حزب الله»، ولأنّه الأقدر في التحدّث مع الحزب، أن يدعوه ليعود الى لبنانيته فلا يبقى ساعة سورياً (وليس سورياً بالمطلق إنما مع النظام العلوي الذي يقتل شعبه منذ أربع سنوات).
وساعة هو عراقي (وإلاّ لماذا وكيف وعلى أي أساس يقتل في الموصل القائد في الحزب إبراهيم محمود الحاج الذي سبق له أن أسر الجنديين الاسرائيليين في العام 2006).
وساعة (وربّـما في كل ساعة) هو إيراني.
وربّـما سيكون لاحقاً أفغانياً… إذا اقتضت مصلحة إيران أن يكون!
ودعا عون الى الحوار مع سوريا، ونسأله: أي سوريا؟ سوريا النظام العلوي؟ سوريا رئيس «فيلق القدس» قاسم سليماني؟ سوريا «النصرة»؟ سوريا «داعش»؟ سوريا الإئتلاف الوطني؟
أصلاً… هل لا تزال هناك سوريا؟
وفي هذه النقطة، أي الحوار مع سوريا، نذكّر ميشال عون أنّه منذ العام 2000 وحتى اليوم ومروراً بما بعد حرب 2006، ولبنان ينادي، عبثاً، بترسيم الحدود مع سوريا التي ترفض متذرّعة حيناً بالبدء بالترسيم من الجنوب وحيناً آخر من داخل مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل، من دون أن تزوّد لبنان بقصاصة ورق واحدة تدعم حقّه أمام الأمم المتحدة في ما تبقّى من أرض محتلة.
أمّا قوله بعدم التفاوض مع الإرهابيين، فالجيوش تفاوض أعداءها من أجل حقن الدماء… والجيش اللبناني فاوض ويفاوض إسرائيل عبر لجان مشتركة دائمة.
ولفتني قوله إنّ التاريخ لا يرحم، وأعاكسه الرأي: فالتاريخ يرحم، ويرحم كثيراً… فلو لم يسامحه التاريخ هل كان وصل الى موقعه السياسي الراهن بعد ثلاث حروب عبثية خاضها جرّت الويلات على لبنان والجيش؟
وقال إنّه يوجّه رسالة من وجدانه وضميره… ولقد طمأنني فكنت أظن أنّه نسي الوجدان والضمير اللذين لا يعنيان له إلاّ بمجيء جبران وزيراً ووصوله شخصياً للرئاسة.
وبالرغم من ذلك كله، فإنني أسجّل لعون موقفه المتقدّم من غزة، فهذا لا فضل له فيه، لأنّه تحصيل حاصل لدى كل رجل وطني.