IMLebanon

تمسّكت بالمالكي وتجاهلت “المكوِّنات”… بلا خطة!

الجمهورية الاسلامية الايرانية مسؤولة أكثر من العراقيين أنفسهم، وتحديداً من حلفائها فيهم وفي مقدمهم المكوِّن الشيعي الذي تُجمع جهات عدة محلية وعربية واقليمية ودولية على انه يشكّل غالبية الشعب العراقي أو بالأحرى “الشعوب”، وهي الصفة التي تنطبق أكثر على أبناء العراق سواء بعد إطاحة نظام الراحل صدام حسين أو في أثناء الاحتلال الأميركي أو بعد انتهائه، عن نجاح التنظيم الإسلامي السني الأصولي في استغلال النقمة عند سنة العراق على الغالبية الحاكمة والمتحكّمة وعلى داعهما الإيراني للسيطرة بواسطة مقاتليهم كما بواسطة أعضائه على أكثرية المنطقة السنية في البلاد ولتهديد مناطق “الشعوب” الأخرى. هذا الكلام يقوله عراقيون موضوعيون من بينهم شيعة عاشوا قبل إطاحة صدام في ربيع 2003 الدور الذي قامت به طهران لدفع أميركا إلى تخليصها من نظامه، وإفساح المجال أمامها وبواسطة الشيعة الذين عانوا الكثير على يديهما كي تتخلص من عراق مُهِّدد لها ولدورها الإقليمي والاستراتيجي في استمرار، وكي تساعد في بناء عراق آخر مزدهر اقتصادياً ومُسالِم غصباً منه ربما، ومتحالف مع إيران جراء اعتبار شيعته إياها عمقهم الاستراتيجي وخصوصاً بعدما بدأ الصراع المذهبي بين المسلمين يحتدم. ولا يستبعد هؤلاء أن يكون لطهران دور في تأجيج هذا الصراع، مماثل أو مشابه للدور الذي قامت به أميركا والمملكة العربية السعودية وغيرهما والذي انطلق بواسطته “المارد” السني الجهادي المتطرّف جداً والأصولي والتكفيري لاحقاً “من القمقم” لمحاربة الخطر المباشر عليهم جميعاً الذي كان يمثّله احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان في القرن الماضي.

ويقول هؤلاء العراقيون أيضاً أن مسؤولية إيران عمّا حصل في العراق أخيراً لا يمكن نفيُه على الإطلاق. فهي كانت موجودة مباشرة وصاحبة دور أول في العراق الدولة والنظام والجيش والامن والاحزاب والتيارات السياسية والدينية كما في أوساط دينية رفيعة. ولم تكن تخجل بذلك. وكان الابن البار لنظامها ولمؤسساتها الأمنية والعسكرية وصاحب الخبرة الواسعة إسلامياً وعربياً وتحديداً فلسطينياً وسورياً وعراقياً وربما لبنانياً، الحاج قاسم سليماني هو المشرف الأول على العراق أو “مديره” على رغم انشغاله بمهمات أخرى صعبة وكبيرة جداً بدورها. وهم يعطون دليلاً آخر على المسؤولية نفسها هو تمسّكها برئيس الحكومة المستقيل نوري المالكي منذ نحو ثماني سنوات، وتمسّكها ببقائه في موقعه خلافاً للدستور بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، على رغم المعارضة العراقية الواسعة له من الغالبية في كل مكونات العراق، وعلى رغم التطوّرات العسكرية السلبية التي حصلت في آخر سنة من ولايته الحكومية الثانية، وأولها كان احتلال “داعش” أو ما يشابهه مدينة الفلوجة قبل نحو سنة وعجزه عن تحريرها سلمياً وبالسياسة وباستمالة السنة بعد اعطائهم حقوقهم. وقد تحوّل هذا العجز لاحقاً عسكرياً ولا سيما عندما استهدف ليس المسلمين فقط بل المعتصمين في عدد من المحافظات السنية احتجاجاً على المعاملة السيئة وهضم الحقوق.

وكي لا يظن أحد أن الكلام عن مسؤولية إيران عن الوضع الحالي التعيس في العراق ينطوي على انحياز أو على عداء كامن يستشهد العراقيون الموضوعيون أنفسهم بكلام كتبه “شيخ” ايراني اسمه “رسول جعفريان” عن هذا الأمر، وهو شخصية علمية وأكاديمية مؤثّرة وقريبة من مراكز القرار الإيراني السياسية والدينية وحتى الأمنية. سأل تحت عنوان: “اين نحن مما يجري في العراق”؟ وأجاب: “ان دعم حكومة المالكي قبل ظهور “داعش” تسبب بخسارة الحكومة المركزية ربع مساحة العراق. وان عدم اهتمام إيران بالكرد والسنة فيه وعدم استماعها إلى وجهات نظرهم جعلاها جاهلةً حقيقة ما يجري. وذلك جهل تشاركها فيه أميركا. وقد استغلت “داعش” ضعف حكومة المالكي وعجزها، وضعف إيران أو بالأحرى عدم اهتمامها بقضايا الأكراد والسنة واستمرار ثقتها به لاجتياح المناطق المعروفة، وهذا أمرٌ خطير. فـ”داعش” موجود على بعد 25 كيلومتراً من حدود إيران، وليس في إمكانها أن تفعل شيئاً. وليس لديها خطة لهجوم مضاد، ولا إمكان لهجوم جوي وبري داخل العراق. وحكومة الأخير لم تطلب منها التدخل الذي طلبه ومن أميركا هو والأكراد والسنة، فاستجابت لهم وتجاهلت طلب المالكي. وأعاد ذلك وجوداً أميركياً وبريطانياً وفرنسياً ما إلى العراق. ثم وصل الروس أيضاً. وصار دور إيران محصوراً في حماية المناطق الشيعية وفي تقديم الاستشارة للقوات الشعبية فيها.

هل من استراتيجيا مستقبلية إيرانية في العراق؟ وما هي مسؤولية أميركا والعرب عن التطوّرات العراقية الأخيرة؟ وماذا عن المسؤوليات الأخرى عنها؟