لا تزال العلاقة بين رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط وتيار «المستقبل» على ما هي عليه من الفتور، وتنعكس بشكل مباشر على علاقة جنبلاط بالمملكة العربية السعودية، كما كشفت أوساط مقربة من «المستقبل»، والتي أوضحت أن القيادة السعودية مستاءة من الزعيم الإشتراكي بعدما انقلب عليها، وبالتالي فإن الزيارات التي يقوم بها معاونه السياسي الوزير وائل أبو فاعور بين الحين والآخر إلى السعودية تساهم في تلطيف الأجواء وإبقاء الإتصالات قائمة، إنما الأمور لم تصل إلى سابق عهدها على رغم أن ترتيبات تجري في الكواليس لحصول زيارة قريبة لجنبلاط للقاء أصحاب القرار في المملكة العربية السعودية.
وأشارت الأوساط نفسها إلى أن التباينات عديدة وفي مقدمها أن رئيس الإشتراكي يقيم أفضل العلاقات في هذه المرحلة مع «حزب الله» وبدأ ينفتح على إيران، وبالتالي، فإن النائب غازي العريضي كان حاضراً في اللقاء الذي جمع جنبلاط والسفير الإيراني الجديد محمد فتح علي، ولذلك دلالة باعتبار النائب العريضي مهندس العلاقة بين جنبلاط و «حزب الله»، وسابقاً مع النظام السوري، نظراً للعلاقة الوثيقة التي تربطه مع قياداتها السياسية والعسكرية. ولا تستبعد الأوساط، ومع توقّف حملات جنبلاط ضد النظام السوري وهجومه على «داعش»، من أن يعود العريضي إلى تمهيد أو تعبيد طريق المختارة ـ دمشق بالتعاون مع اللواء جميل السيّد، الذي بدوره سبق وأن أشاد بزعيم المختارة في حواره المتلفز الأخير. ومردّ ذلك وفق الأوساط عينها، انه خائف من المدّ «الداعشي»، وخصوصاً بالنسبة لحضور الأقلّيات في المنطقة، وبالتالي، هو يستهجن موقف تيار «المستقبل» في هذا المجال، وقد تزامن ذلك مع ترشيح جنبلاط لعضو كتلته النيابية هنري حلو إلى رئاسة الجمهورية، في خطوة كانت قد أزعجت السعودية منذ أشهر، وعرقلت كل مساعي تقريب وجهات النظر بين الطرفين. إذ كانت المملكة تفضّل بقاء جنبلاط ملتزماً سقف مواقف 14 آذار ودعم مرشّحها الدكتور سمير جعجع إلى الرئاسة الأولى.
وأوضحت الأوساط نفسها، أن حديث قوى 14 آذار عن اتهام «حزب الله» باستدراج التطرّف إلى لبنان من خلال مشاركته في القتال الدائر في سوريا إلى جانب النظام السوري، لا يزال السبب الأساسي في تأزيم العلاقة بين كليمنصو و«بيت الوسط»، كذلك، فإن التنسيق الوثيق ما بين جنبلاط وقوى 8 آذار في صيدا أي العلاقة مع المهندس أسامة سعد، كما في قرى الجنوب والبقاع عبر قيادات «أمل» و «حزب الله»، يشكّل عاملاً إضافياً في تعميق الهوّة بين «الإشتراكي» و«المستقبل» الذي يعتبر هذه الخطوة ضدّه وضدّ حسن سير عمل المحكمة الدولية، خصوصاً في ضوء الحملات العنيفة التي تُشنّ على تيار «المستقبل» وعلى الرئيس سعد الحريري شخصياً من قبل الللواء السيد الذي كان التقى العريضي في الآونة الأخيرة.
في المقابل، نقلت مصادر قريبة من جنبلاط انزعاجه من حملات «المستقبل» ضد «حزب الله»، في ظلّ الخطر الداهم مع وجود تنظيم «داعش» على حدود لبنان، إضافة إلى ما يعلنه زعيم المختارة في مجالسه الضيقة عن انزعاجه من سفر الرئيس الحريري مجدّداً إلى الخارج، على الرغم من الظروف الدقيقة التي تعانيها البلاد. وأكدت المصادر أن «أبو تيمور» قلق اليوم من الخطر التكفيري، ولذلك فهو يشدّد أمام جمهوره على ضرورة التواصل والإنفتاح مع جميع القوى السياسية في الجبل، ويعلن عدم تغطيته أي مرتكب أو مثير للفتنة المذهبية، فيما يعلن دعمه المطلق للجيش واستمرار رهانه عليه لاستمرار الإستقرار. وأضافت أنه انطلاقاً من هذا الموقف، يرفض مقايضة الأسرى العسكريين بإرهابيين حفاظاً على هيبة الجيش في مواجهة الإرهاب.وفي السياق نفسه أكدت المصادر القريبة من جنبلاط، أنه مستمرّ في حواره مع القيادات المسيحية، وإن كان هذا الأمر قد توقّف بسبب سفره الإضطراري إلى الخارج.