في الأيام الفاصلة عن 25 أيار الجاري، لا تزال 14 آذار منفتحة على القوى كافة وهي دائماً صاحبة حوار واعتدال، بما في ذلك الانفتاح على «التيار الوطني الحر»، وهو الأمر المستمر في محاولة لتجنب الوصول الى الفراغ. واذا ما قدر ان وصلت الامور اليه، يتم العمل لتنظيمه منعاً لاية تداعيات سلبية، ولا يزال مرشح 14 آذار هو رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع. والاتصالات الاخيرة لم تسفر عن نتيجة متقدمة في مجال انتخاب الرئيس. انما عندما يحين الاوان ووفقاً للظروف، واذا وصلت الامور الى طريق مسدود، قد يتم التفتيش عن اسم مرشح توافقي، لكن ذلك سيكون لمرحلة ما بعد 25 ايار. لكن المهم تفادي التداعيات السلبية للفراغ في حال لم تحصل الانتخابات، وخطر الشغور هو انه يمكن ان يوصل الى الفراغ في المؤسسات لا سيما في حال عدم المشاركة من قبل بعض الاطراف، كما يهددون، في الحكومة او في المجلس النيابي.
وافادت مصادر في 14 آذار، انه عندما يتوافق رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون مع بقية المسيحيين قبل التفاهم مع الشيعة او السنة، عندها يكون حقق انجازاً، في ظل ان الرئيس ماروني، واذا لم يتوافق مع الموارنة، فيعني ان هناك صعوبة في انتخابه.
ولم تكن المصادر تتوقع، حصول مفاجأة امس، لذلك هناك عمل لتنظيم الشغور الى حين مجيء كلمة السر، ذلك انه اذا عمل فريق ما على تعطيل الحكومة فيعني ذلك تعطيل البلد، اي يجب ان يتحمل مسؤولية خراب البلد. واذا قرر اي طرف في 8 آذار التعطيل فيعني ذلك ان هناك قراراً ايرانياً بالتعطيل، وان اربعة وزراء من التيار لا يمكنهم التعطيل وحدهم، الا اذا انضم اليهم وزراء «حزب الله» وحركة «امل». كما ان اي نية تعطيلية من اي طرف مهما كان عدد وزرائه يعني ان احلامه الرئاسية انتهت، وآماله الوسطية ايضاً تكون قد انتهت.
لكن حتى الآن لم يظهر ان هنك مناخاً تعطيلياً سيتم تبنيه على مستوى كبير. «حزب الله» قد يكون يرغب بقائد الجيش جان قهوجي رئيساً للجمهورية، انما يبدو انه ليس مستعداً للذهاب به حتى النهاية تجنباً لخسارة عون وما يمثله بالنسبة اليه من دعم مسيحي وحيد يجعله قادراً على الصمود في اللعبة السياسية.
التعامل مع الشغور في الرئاسة الاولى له آليته الدستورية المعروفة حيث الحكومة تتسلم صلاحيات الرئيس، ثم ضرورة المواظبة في اتجاه سرعة انتخاب الرئيس والاستمرار في عمل الحكومة من دون تعطيل، وعمل المجلس النيابي ايضاً، لكيلا ينتقل الشغور الى فراغ. ويفترض، وفقاً للمصادر، ان تملأ الحكومة الفراغ بحسب اتفاق الطائف، وهو ما كان حصل ثلاث مرات آخرها بعد انتهاء عهد الرئيس اميل لحود ولم تحصل انتخابات قبل ذلك. وينقسم الرأي بالنسبة الى التشريع في المجلس في ظل حكومة تصريف الاعمال وغياب رئيس الجمهورية، ويقول الرأي الاول بضرورة استمرار التشريع لا سيما لوضع قانون جديد للانتخابات النيابية وحيث بات المجلس على قاب قوسين او ادنى من انتهاء المهلة الممددة له، فتذهب البلاد الى انتخابات نيابية. اما الرأي الثاني فيقول بانعدام التشريع في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية.
ادارة الشغور صعبة، لكن ادارة الفراغ اصعب، وبالتالي الامور تسير وفق الدستور هذا، اذا لم تحصل مواقف دراماتيكية من بعض الافرقاء تهدف الى التعطيل. والأهم ان تبقى الحكومة متماسكة وتدير الشغور وتعمل لإملائه، وان يستمر المجلس بعمله التشريعي مع استمراره بالدعوات الى الانتخاب.
واظهرت خطابات الجلسة النيابية لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية، ان هناك صراعاً قوياً على الرئاسة، وان التوافق بعيد والافرقاء غير المسيحيين يطالبون بأن يتفق المسيحيون على الرئاسة، وان الفراغ وفقاً للمصادر، له محاذيره لانه يدخل البلاد في خطر كبير، وان اي فريق ليس مستعداً لتحمل مسؤولية اللعب بمصير البلد.