IMLebanon

تهجير المسيحيّين و”المشرق الجديد”

“الشرق الأوسط الجديد” الذي طبّلوا وزمّروا له، ولا يزال يشبه علامة استفهام، ليس من الضروري أو المحتَّم أن يكون حاملاً ورشة التغيير بما فيه الخير والنفع والتقدّم للمنطقة.

حتى الآن لم يكشف إلا عن السلبيّات، والاتجاه بالعالم العربي صوب المزيد من التخلّف، والعودة إلى البدائيّات والجاهليّات.والعلامات الفارقة التي تحوّلت شهوداً ضد هذا “الجديد” وهذا “الشرق المظلم” يمكن رؤيتها يوميّاً بالعين المجرّدة في العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن. ومن دون إسقاط “حصة” لبنان.

وكي يتحمّس لمثل هذه “المشاريع الملغومة” رجال في حجم هنري كيسينجر، ولاحقاً السيدة الوزيرة هيلاري كلينتون المرشحة المحتملة للجلوس على “عرش” البيت الأبيض، يترتّب على المشرقيّين وأهل “الهلال الخصيب” أن يتوقّعوا المزيد من المفاجعات التي يخطّط لها التهويديّون منذ عشرات السنين.

تأكيداً لهذه الصورة القاتمة رأت جريدة “الموند” الفرنسيّة أن مسيحيّي العراق خسروا كل شيء باستثناء حياتهم، “فعليهم إذاً أن يشكروا ربّهم لأنهم لا يزالون أحياء”. ويبدو أن المسألة لا تقف عند هذه الحدود، فالتهجير المسيحي سيتواصل، وبأنماط مختلفة، وحيث تكون مثل هذه الأقليات.

ويبدو أن الأقليات المسيحيّة هي الهدف الرئيسي للميليشيات المدعومة بالمال والسلاح والتأييد.

ولمَ نذهب بعيداً. فقد يكون ما تتعرّض له غزّة في هذا الوقت بالذات أحد النماذج، أو أحد الأهداف “الجليّة” التي يتطلّع إلى تحقيقها مبتدعو أفكار وأبعاد الشرق الأوسط الجديد.

تحضرني هنا، وفي سياق البحث عن أبعاد ومآرب كل ما يجري، قصة المبعوث الأميركي دين براون الذي أوفدته إدارة البيت الأبيض لتوضيح صورة الحرب اللبنانيّة صيف العام 1976، مزوَّداً بعض الاقتراحات التي أوقفت شعر رؤوس شخصيّات لبنانيّة بارزة.

كان مشهوراً عن المستر براون، الذي أقام في فندق “الكارلتون”، وَلَعُه بويسكي “بلاك لايبل”: قبل القهوة الصباحيّة وبعدها. قبل الغداء وامتداداً إلى لحظات موعده مع “الجبهة اللبنانيّة” التي فاجأها ذات اجتماع باقتراح، قال لهم إنه الأخير. فإذا قبلوه كان به. أما إذا رفضوه، فإنه لن ينم ليلته في “الكارلتون” بل في الطائرة.

والاقتراح تداولته وسائل الإعلام في أنحاء المعمورة:

ليس عندنا للمسيحيّين في لبنان سوى “حلّ الهجرة الجماعيّة”. فالبواخر جاهزة في عرض البحر. والبلدان المستعدّة للاستقبال هي أميركا وأوستراليا وكندا… مع ثلاثين من الفضة.

أتاري حكاية الشرق الأوسط الجديد مقتصرة على تنظيف المنطقة من المسيحيّين، ومنذ عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان. فانتبهوا من الفراغ الرئاسي ومتفرعاته.