بعدما تمكنت الساحة الداخلية من تخطي اختبار الفتة المذهبية في الشارع خلال الايام الماضية، تستعد هذه الساحة لجولة جديدة من التحديات تبدأ مع اعلان الرئيس باراك اوباما خطته في اطار التحالف الدولي لضرب تنظيم «داعش» ولا تنتهي الا بعد تنفيذ الخطة الدولية والذي قد يستمر اسابيع او شهورا كما اعلنت مصادر ديبلوماسية مواكبة للبحث الجاري في عواصم القرار في المنطقة والتي تبدي قلقا متزايدا من ابعاد مهمة التحالف الدولي في العراق اولا وفي سوريا ثانيا خاصة وان اي تطور في المشهد السوري الميداني سينعكس مباشرة على المشهد اللبناني الداخلي.
وتقول هذه المصادر ان الخطف والخطف المضاد التي عاشتها قرى بقاعية مطلع الاسبوع الجاري، قد رسمت صورة قاتمة لمستقبل لبنان عموما فيما لو تعرض لاي انتكاسة تأتيه من وراء الحدود مع سوريا وبشكل خاص في قضية العسكريين المخطوفين من التنظيمات السورية المسلحة، او اذا سجلت اي مواجهة في دمشق ما بين قوات التحالف التي تستعد لضرب الارهاب تحت غطاء دولي واممي، وذلك في ظل حرب باردة ما بين دول هذا التحالف من جهة وروسيا من جهة اخرى.
وبرأي المصادر الديبلوماسية المطلعة فان لبنان ما زال محيّدا عن الصراع على الارهاب في المنطقة وسط اجماع دولي واقليمي على ضرورة ابعاد الساحة اللبنانية عن خارطة «داعش» المرسومة في اكثر من بلد عربي، لكنها استدركت معتبرة ان القوى الداخلية تتنافس على توريط لبنان في الحملة الدولية على الارهاب وعلى الانخراط في صراع المحاور وهو ما سجل من خلال الممارسات الاخيرة في الشارع التي عبرت عن مدى سهولة الانزلاق نحو الانفجار علما ان كل المواقف السياسية اكدت رفضها لاية ممارسات تحمل طابع الفتنة وشددت على الوقوف وراء المؤسسة العسكرية لاتخاذ التدابير المناسبة لاستيعاب احتجاجات الشارع وقطع الطريق على اية محاولات تسعى اليها الجهات الارهابية للتسلل الى الساحة اللبنانية عن طريق ايقاظ الفتنة واللعب على الوتر المذهبي.
وحذرت المصادر من ان اي انقسام داخلي يتعدى المستوى السياسي الى الشارع بكل فئاته، يجعل من تنظيم «داعش» مسيطرا وبطريقة غير مباشرة على لبنان وبالتالي يكون لبنان سلطة وشعبا قد سقط في اول امتحان امني يتعرض له بدأ مع احداث عرسال اولا واستمر من خلال قضية العسكريين المخطوفين ثانيا. واعتبرت ان المنطقة تعيش مرحلة انتقالية وتفرض على لبنان ان يواصل ولو بالحد الادنى سياسة النأي بالنفس عن كل صراعات المحاور خاصة وان الحرب الدولية على «داعش» في العراق كما في سوريا ستأخذ اكثر من دولة في الجوار الى منعطف جديد.
ولفتت الى ان تحذير الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اللبنانيين من خطورة المرحلة المقبلة والتأكيد على تحصين الساحة الداخلية من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، يخفي في طياته دعوة الى عدم تحريك الوضع العام وزعزعة الاستقرار الامني وتزامنا تمتين الوحدة الوطنية وتعزيز دور الجيش ومكافحة الارهاب بكل انواعه وصوره الداخلية والخارجية، ذلك ان اي توتر في الشارع قد يخرج الامور عن السيطرة وان كانت كل الخيوط ممسوكة من قبل القيادات السياسية الداخلية في المرحلة الراهنة.
وكشفت المصادر الديبلوماسية المطلعة ان الحرب الدولية على «داعش» لن تكون خاطفة بل ستكون مواجهة مفتوحة وربما تؤدي الى عملية استنزاف لهذا «التنظيم» قبل الوصول الى القضاء عليه نهائيا، وبالتالي فان كلفتها على لبنان الذي لن يشارك فعليا فيها لن تكون متدنية ولن تقتصر على المستويين السياسي والاني بل ستطال الواقع الاقتصادي كما الاجتماعي علما ان الساحة اللبنانية تتحمل منذ سنوات دفع اثمان اقتصادية باهظة جراء حجم النزوح السوري الهائل اليها.