IMLebanon

توسيع مهمة «الطوارئ» يحتاج لقرار مجلس الامن

بعد انتهاء معركة عرسال وفي ظلّ استمرار المفاوضات لإطلاق سراح عناصر القوى الأمنية الذين لا يزالون محتجزين، يجد مصدر سياسي أنّ الحلّ الأنسب للحفاظ على أمن البلاد وعدم تكرار معركة عرسال التي حصلت بين الجيش اللبناني والمسلّحين، دفعت ثمنها المؤسسة العسكرية خيرة من شبابها، هو انتشار الجيش على الحدود السورية- اللبنانية. فحماية الحدود باتت حاجة ملحّة لضمان الاستقرار وعدم زعزعة الأمن في لبنان مرة جديدة.

وإذا كان موضوع انتشار الجيش في السابق، يتطلّب توافقاً واتفاقيات بين الجانبين اللبناني والسوري على بعض المواقع الخلافية من أجل ترسيم الحدود بشكل رسمي أولاً، ومن ثمّ نشر الجيش على امتدادها، فإنّ المرحلة الاستثنائية الراهنة التي يستفيد منها الإرهابيون، خصوصاً في ظلّ المعابر المشرّعة والحدود المفتوحة بين البلدين، تحتّم على الحكومة، على ما يضيف المصدر، اتخاذ مثل هذا القرار، وبوقت سريع، حماية لأمنها وسيادتها بعيداً عن النقاط التي قد تخلق بعض المشاكل.

فالمطلوب يقول المصدر، مع عودة رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الى لبنان لقيادة الإعتدال السنّي اتخاذ قرار سياسي جامع لتثبيت الاستقرار الداخلي، لكي لا تبقى أي منطقة حدودية عرضة لهجمات الداعشيين غير المتوقّعة أو سواهم من الجماعات التكفيرية التي تهدّد دول المنطقة.

وبرأيه، أنّ الجيش اللبناني وحده، وبعد حصوله على التعزيزات العسكرية من هبة المليار دولار السعودية، كما من الثلاثة مليارات الأولى التي لم يصل لبنان منها أي شيء من فرنسا بعد، سيكون قادراً على القيام بهذه المهمة. أمّا عن توسيع مهمة قوّات «الطوارىء» الدولية لتشمل الحدود الشمالية للبنان، فأمر يتطلّب ليس قراراً داخلياً وحسب، إنّما خارجياً وتحديداً من مجلس الأمن الدولي. وهذا الأمر من المستبعد أن تطلبه الحكومة اللبنانية في الوقت الحالي، خصوصاً مع كثرة المساعدات العسكرية التي تُغدق على الجيش.

فالتقصير الحاصل اليوم على الحدود يضيف المصدر، وعدم التمكّن من ضبط المعابر بشكل جدّي، مما أدّى الى تسرّب المسلّحين بكثافة الى عرسال، لا تتحمّل مسؤوليته المؤسسة العسكرية، بل الحكومة والأفرقاء السياسيون كونهم لم يتخذوا قراراً سريعاً بإقفال الحدود أو على الأقلّ اتخاذ تدابير صارمة بحقّ النازحين السوريين الى لبنان، تُظهر المواطن المسالم الفارّ مع عائلته من المعارك، من الإرهابي الذي دخل البلاد من أجل زعزعة الأمن وتفجير نفسه والتسبّب بالأذى للمواطنين اللبنانيين الأبرياء.

وفي الوقت نفسه يعتبر المصدر ان، على الحكومة التنبّه في الداخل، من كلّ ما يمكن أن يُشكّل عنصراً مساعداً لمخططات الجماعات التكفيرية المنكفئة، إذ أنّ صلات عدّة لا تزال قائمة بين التكفيريين وبعض من يستقرّون في لبنان إن في أماكن تجمّع النازحين السوريين، أو في بعض المخيمات الفلسطينية التي تُعدّ بؤراً أمنية، وقد يلجأ اليها المتشدّدون لسبب أو لآخر، علماً أنّ اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا بحثت الأوضاع الأمنية داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين خلال اجتماع طارئ لها، عقدته منذ أيام في مخيم عين الحلوة، أكّد خلالها المجتمعون أنّ الفلسطينيين »لم يكونوا ولن يكونوا طرفاً في التجاذبات الداخلية اللبنانية، لا بل سيكونون عامل أمن واستقرار للبنان». كما تمّ التوافق على تطبيق هذه الخطة الأمنية في المخيمات الفلسطينية كافة المنتشرة في المناطق اللبنانية بهدف حماية أمن المخيمات، كما أمن واستقرار لبنان.

غير أنّ المصدر نفسه، يجد أنّه لا بدّ من أن تكون هذه المخيمات، فضلاً عن تجمّعات النازحين السوريين منظّمة أكثر من قبل الدولة، وليس فقط من قبل الفلسطينيين أنفسهم، بحيث تستطيع السلطات اللبنانية فرض رقابة أمنية عليها، منعاً لدخول أو خروج متشدّدين منها، أو تهريب الأسلحة والمتفجّرات، ما يجعل لبنان عرضة للإعتداءات مرة أخرى، وهذا ما يجب تلافيه بالتنسيق مع الفصائل داخل المخيمات.

فلبنان قادر اليوم على حماية أمنه يؤكد المصدر، والحفاظ على استقراره، متى توافرت له كلّ مقوّمات التصدّي والصمود، من قرار سياسي الى إمكانات عسكرية، وهو ليس بحاجة الى قوّات دولية أو عربية، فقيام الجيش بمهماته يؤمّن الحدود مع الجانب السوري من الجهة البقاعية. كما أن النظام السوري لن يعترض على مثل هذه المسألة لأنّها تحميه في الوقت نفسه، من الجماعات المتطرّفة التي تحاول التوسّع في الداخل السوري، كما في المناطق العراقية، وقد وصلت أخيراً الى إقليم كردستان، بهدف التدمير والقضاء على كلّ من وما يعترض طريقها لإقامة الدولة الإسلامية المفترضة ظاهرياً على الأرض المحتلّة، وللإستيلاء على الثروات الطبيعية في دول المنطقة ضمناً.

من هنا، يقول المصدر ان وجود «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية- الجنوبية، يختلف كثيراً عن إمكانية وجودها على الحدود مع سوريا، لأنّها في الجنوب تؤازر وتعاون الجيش اللبناني للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين من اعتداءات دولة هي إسرائيل، في حين أنّها في البقاع والشمال ستكون مهمتها حماية الحدود والمناطق اللبنانية من جماعات متطرّفة إرهابية لا دولة ولا دين لها، (رغم أنّ أهداف هذه الأخيرة هي نفسها، أهداف إسرائيل)، على العالم بأكمله أن يتجنّد للقضاء عليها.