جبهة النصرة» تطلق سراح عنصرين من قوى الأمن اللبناني اختطفا في عرسال
الشيخ أمامة لـ «الشرق الأوسط» : المسلحون ينتظرون موافقة الحكومة على مبدأ تبادل العسكريين بموقوفين لديها
أفرجت «جبهة النصرة» أمس، عن عنصريين في قوى الأمن الداخلي كانا اختطفا من مركزهما في بلدة عرسال (شرق لبنان) قبل أسبوعين، فيما سمته «هيئة العلماء المسلمين» التي تقود الوساطة بين المسلحين والدولة اللبنانية بـ«بادرة حسن نية من المسلحين من شأنه أن ينعكس إيجابا على ملف التفاوض»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن الخاطفين «ينتظرون موافقة الدولة اللبنانية على تبادلهم مع سجناء إسلاميين لديها»، رغم رفض الحكومة هذا الشرط.
وأعلن الجيش اللبناني، في بيان أصدره أمس، أن مخابرات الجيش في منطقة البقاع «تسلمت عنصرين من قوى الأمن الداخلي وهما الرقيب مدين حسن والعريف كمال المسلماني اللذان كانا قد اختطفا من مركزهما في بلدة عرسال»، مشيرة إلى تسليمهما لاحقا إلى آمر فصيلة قوى الأمن الداخلي في عرسال.
ويأتي الإفراج عن العسكريين اللبنانيين، ضمن وساطة تقوم بها «هيئة العلماء المسلمين في لبنان» للإفراج عن العسكريين المختطفين. وذكرت تقارير أن العنصريين انتقلا إلى قريتهما، حيث استقبلا باحتفالات شعبية.
وقال عضو «هيئة العلماء المسلمين» الشيخ عدنان أمامة لـ«الشرق الأوسط» بأن الإفراج عن العسكريين في قوى الأمن الداخلي «يأتي في إطار حسن النية الذي أبداه المسلحون، من شأنه أن ينعكس إيجابا على ملف التفاوض مع الحكومة اللبنانية»، معلنا أن «الكرة الآن باتت في ملعب الحكومة والأمنيين ليردوا على هذه المبادرة». وأوضح أن المسلحين «ينتظرون موافقة الحكومة اللبنانية على مبدأ تبادل العسكريين المحتجزين، بمن يريدون من أشخاص لم يحددوا أسماءهم وانتماءاتهم»، في إشارة إلى الموقوفين الإسلاميين لدى السلطات اللبنانية. وقال: «سلمنا الحكومة والأمنيين لائحة بها لكننا لم نحصل على إجابة من الحكومة بشأن مطالب المسلحين».
وتعارض السلطات اللبنانية مبادلة العسكريين المختطفين بسجناء إسلاميين في سجن رومية، وكان رئيس البرلمان عبر عن هذا الموقف في تصريحات سابقة، بإعلانه «رفض أي شكل من أشكال المقايضة مع الإرهابيين فيما خص الرهائن من العسكريين». ويأتي الإفراج عن العسكريين بعد يوم من تعهد رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام ببذل جهود للإفراج عن عناصر الجيش اللبناني الذين اختطفهم مسلحون سوريون من الأراضي السورية. وأكد لأهالي المفقودين أن قضية أبنائهم «لن تنام أو تتوقف»، داعيا إياهم إلى «الصبر والتحمل والتنبه من محاولات استغلال مأساتهم واستثمار عواطفهم».
وقال الشيخ أمامة لـ«الشرق الأوسط»: «إننا أبلغنا المسلحين بأن ما يطالبون به هو مطلب تعجيزي، في ظل غياب رئيس للجمهورية اللبنانية، هو الوحيد المخول بمنح عفو عام عن السجناء»، مؤكدا «أننا طالبنا المسلحين بأن تكون شروطهم معقولة وواقعية ويمكن تحقيقها». وأضاف: «نقدر لرئيس الحكومة تمام سلام رغبته بإنجاح المبادرة التي نقوم بها، وتشجيعه لنا بالمضي بها، لكن ذلك لا بد أن يُستكمل بقرار جريء يوافق على مبدأ المبادلة بالسجناء»، لافتا إلى أن ذلك «من شأنه أن يسهل التفاوض على إطلاق العسكريين المحتجزين وينعكس مرونة عند المسلحين على الإفراج عن العسكريين».
وكان الجيش اللبناني أعلن في السابق عن فقدان الاتصال بـ22 جنديا، أثناء سيطرة مسلحين متشددين على بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، أفرج عن ثلاثة منهم ضمن إطار الوساطة التي بادرت إليها هيئة العلماء المسلحين، كما أفرج عن 3 عسكريين في قوى الأمن الداخلي من أصل 20 عسكريا خطفهم المسلحون من مركزهم في عرسال. وتقاسمت أربعة فصائل عسكرية مسلحة تقيم في تلال عرسال الحدودية مع سوريا، العسكريين المحتجزين، هي «داعش» و«جبهة النصرة» و«الكتيبة الخضراء» و«أحرار القلمون»، ما ضاعف تعقيدات عملية التفاوض. وأضيفت تلك التعقيدات إلى عوائق أخرى تمثلت في صعوبة الاتصال المباشر مع الفصائل نظرا لإقامتها في الجبال. وقالت مصادر الهيئة أمس إن «الصعوبات اللوجستية لا تزال قائمة».
وقال الشيخ أمامة لـ«الشرق الأوسط» إن العسكريين اللبنانيين «انحصر وجودهما بفصيلين مسلحين هما تنظيم داعش الذي يحتجز الآن 11 عسكريا من الجيش اللبناني، بعد انضمام 4 عسكريين كانوا بحوزة القيادي المتشدد أبو حسن الفلسطيني»، كما تحتجز «جبهة النصرة» التي أطلقت سراح عنصرين في قوى الأمن الداخلي أمس: «15 عنصرا من قوى الأمن الداخلي و3 عناصر من الجيش اللبناني». وقال: إن الفصيلين المسلحين «يتشاركان في المطالب نفسها، لجهة تبادل العسكريين بموقوفين لدى السلطات اللبنانية»، إضافة إلى «مطالب أخرى مثل تخفيف القيود عن حركة النازحين السوريين في عرسال، فك الحصار عن المخيمات فيها، ونقل الجرحى من المقاتلين من المستشفى الذين يتلقون العلاج فيه إلى مستشفى آخر بغرض حمايتهم».
من جهة أخرى، قال مصدر عسكري لبناني لوكالة «أنباء الشرق الأوسط» إنه «لم يصل الجيش اللبناني بعد أي لائحة شروط رسمية بشأن طلبات المسلحين الذين ما زالوا يحتجزون عددا من العسكريين من الشرطة والجيش»، مشيرا إلى أن «رئاسة الحكومة هي التي تدير الملف من خلال التعامل مع هيئة علماء المسلمين التي تقوم بالوساطة مع المسلحين».
في غضون ذلك، أكّد عضو «هيئة علماء المسلمين» في لبنان الشيخ مصطفى الحجيري، الذي بذل جهودا للإفراج عن العسكريين، أنّ «الجهود متواصلة للعمل على إطلاق أكبر عدد من العسكريين المحتجزين» لدى المسلّحين السوريين في جرود عرسال، مشيرا في تصريح لقناة «الجديد»، إلى أن «جميع العسكريين المخطوفين بخير ولم يتعرض أحد منهم لأذى»، مُضيفا: «سنعمل على إطلاق سراح العسكريين المخطوفين في أسرع وقت ممكن»، مؤكدا أنه «لم تكن هناك أي شروط لدى الجهة الخاطفة مقابل إطلاق عنصري قوى الأمن».