طال الحديث نهار أمس عمّا أسمي مبادرة «وفد هيئة علماء المسلمين» التي تقضي وكـ»بادرة حسن نيّة»، ولم نعرف عن الإرهاب حسن النيّة، والتي تقضي وفي «حشرجة» طائفية تتعمّد زرع الشقاق بين صفوف الجيش اللبناني عن إطلاق «مسيحي ودرزي وسنّي»، على أن ينسحب إرهابيّو «داعش والنصرة» إلى جبال القلمون، ممّا يعني أنّ الجيش اللبناني وعرسال وأهلها، ستبقى في مرمى نيران الإرهاب وأهله، وهنا تكمن «خطورة» مبادرة الذين تعرّضوا لإطلاق نار ـ هو في رأينا مشبوه ـ لأنّ من يريد أن يقتلهم ليس بعاجز أن يطلق عليهم «قذيفة صاروخية» تذهب بهم كلّهم، لا أن يكتفي بإطلاق الرصاص، في محاولة لإشعال فتنة جديدة، فالذي يريد إشعال فتنة يحتاج إلى أكثر من الرصاص!!
واعتراضنا على هذه المبادرة يأتي من ضمن سياقٍ استنتاجي يقودنا إلى القول: هذه التسوية تعني أنّ دماء شهداء الجيش اللبناني وجرحاه والمفقودين من جنوده ضاعت سُدىً، وأنّ أرواح أبنائه الرهائن مع رجال قوى الأمن الداخلي لا ضمانة لها إن انسحب بها المسلحون الإرهابيون آمنين مطمئنين، مخلّفين وراءهم هذه المجزرة الرهيبة التي ضربت عرسال والجيش اللبناني، بصرف النظر عن المواقف المتأخرة جداً لفريق الرابع عشر من آذار تحديداً، باستثناء موقف القوات اللبنانية وقائدها الدكتور سمير جعجع المتقدّم ومنذ اللحظة الأولى في دعم الجيش اللبناني، فكلّ ما صدر بالأمس لا يعدو كونه «كلام على ورق»!!
ومن ضمن السياق الاستنتاجي لتسوية الأمس، أنّ هذه القنبلة الموقوتة المسمّاة «اللاجئين السوريين» حان الوقت لرميها في وجه العالم العربي الذي ـ كان من المفترض ـ أن يتحمّل مسؤولياتها منذ ثلاث سنوات، مادياً ومعنوياً، وأن يأخذ عن عاتق لبنان هذه الكارثة الإنسانيّة، بأن تستقبل الدول العربيّة الشاسعة الواسعة مليون نازح سوري لتخفف الضغط عن لبنان… ولا يقولنّ أحدٌ أن ترك اللاجئين السوريين عبئاً على لبنان سببه قُرْب المسافة بين لبنان وقرى النازحين السوريّين، فالعرب يعلمون جيداً ومنذ العام الأول أنّ الأزمة السوريّة ذاهبة باتجاه وقت حربٍ مفتوح!!
حاول اللبنانيون رفع الصوت عالياً وبطرقٍ شتّى باللافتات واليافطات والطلب إلى الدولة اتخاذ تدابير مناسبة وضبط الوجود السوري في لبنان، هذا الوجود فوق طاقة احتمال لبنان وشعبه، وانفلات السلاح السوري في لبنان، حان الوقت لضبطه بالشكل الأمني المناسب منعاً لانتقال الحرب السورية إلى «الزواريب» اللبنانية المشتعلة في الأساس…
هذه الأزمة حان الوقت لوضعها على طاولة الأمم المتحدّة، فاللبنانيون ليسوا مستعدّين لدفع الثمن مجدداً أثماناً عن العالم العربي الذي رمى سابقاً في وجهنا وعلى أرضنا قنبلة موقوته اسمها «اللاجئين الفلسطينيين»، لن نقبل بأن نكون مجدداً عرضة لكارثة حربٍ جديدة، ولا أن يكون الجيش اللبناني قرباً على مذبح العجز العربي الدائم!!