جريمته أنّه تجرّأ وطلب أن تكون الإدارة منتجة وأن يكون الموظفون منتجين فعلاً.
جريمته أنّه طالب المجلس النيابي بألاّ يقدم على زيادة الضرائب على الشعب.
جريمته أنّه طالب بترشيد الإنفاق.
فمن يتجرّأ على مثل هذا الكلام؟ إنّ ذلك من حق النواب وحدهم!
ولنعطِ مثالاً صارخاً: إنّ شركة طيران الشرق الأوسط كانت تخسر 100 مليون دولار سنوياً من دون امتلاكها أي طائرة.
وعندما ترأس مجلس إدارتها محمد الحوت الذي صرف نحو نصف الموظفين تحوّلت من شركة خاسرة الى شركة رابحة، وقد سجلت سنة 2013 مبلغ 65 مليون دولار ربحاً، وامتلكت اسطولاً جوياً من 17 طائرة حديثة.
بمثل هذا يطالب فرانسوا باسيل الذي استمعت الى تصريح له منذ يومين يقول فيه إنّه لم يتهجّم على المجلس النيابي الذي يحترمه ويقدّر رئيسه أي الرئيس نبيه بري، ولكنه يرفض أن تكون هناك ضرائب جديدة لتغطية سلسلة الرتب والرواتب… وأشار الى أنّ المشكلة هي في الهدر..
وبدلاً من توجيه الشكر الى رئيس جمعية المصارف، هذه المؤسّسة الوحيدة التي لا تزال تعمل بشكل علمي والتي تحافظ على وجود لبنان إذ لا لبنان من دون بنوك، ولا لبنان من دون أمن… بدلاً من توجيه الشكر إليه تقام عليه الدعاوى أمام القضاء!
لذلك كنت أتمنى على النائب الذي ادّعى على فرانسوا باسيل أن يشكره لأنّه أعطاه دلائل على مصادر الهدر في الدولة.
ولو كان النائب الكريم حريصاً على المال العام وعلى كرامة رئيس المجلس وعلى كرامة المجلس النيابي الكريم لكان الأحرى به أن يحاول وقف الهدر والعمل في المجلس النيابي لدرس إمكانية ترشيد الإنفاق.
في أي دولة نحن نعيش؟ أفي دولة لا يشعر النائب بكرامته إلاّ إذا انتقده مواطن شريف حريص على المصلحة العامة وعلى حال الدولة؟ بينما المتظاهرون الذين يكبّدون الدولة الملايين لا بل المليارات وللأسف قسم كبير منهم لا يربطه بدولته إلاّ راتبه الذي لا يهمّه إلاّ كيف يقبضه من دون أن يمارس أي عمل وحتى الذهاب الى العمل لأنّ لا وقت لديه!..
أسأل النائب الكريم عن بعض الملفات وأظن أنّ مسؤولية النائب هي التشريع ثم مراقبة أعمال الحكومة وفي الوقت ذاته استدعاء أي مسؤول في الدولة لمساءلته أمام اللجان النيابية المختصة.
ما رأي النائب بملف الهدر في الكهرباء؟ ولماذا منذ العام 1990 ولغاية اليوم وعلى الرغم من أنّ الوزير جبران باسيل وزير «الإصلاح والتغيير» كان وزيراً، فماذا فعل سعادته؟ هل سأله عن المليارات من الهدر التي يتكبّدها الشعب بسبب عدم تحويل الإنتاج في المعامل من مادة الفيول اويل الى مادة الغاز، ويُقال إنّ الوفر بهذا الملف فقط مليار دولار أميركي سنوياً؟!.
هذا إذا لم نذهب الى وزارة الأشغال وإلى وزارة الصحة وإلى وزارة الإعلام وإلى… وإلى…
وبدلاً من تعليق وسام على صدر الاستاذ فرانسوا باسيل ذهب النائب الكريم الغيور على رئيس مجلسه الى القضاء ورفع دعوى على الرجل النزيه المشهود له في عالم المال والذي استطاع أن يصل بمصرفه الى مصاف الأوائل في البنوك اللبنانية التي أصبحت محترمة عالمياً بفضل أصحابها وإداراتها والإشراف الكبير من حاكم مصرف لبنان هذا الرجل الذي اعترف العالم بمقدرته وفهمه وإدارته وآرائه السديدة في الحفاظ على العملة الوطنية ما جعل المصارف اللبنانية من أهم البنوك في العالم.
هل يعلم النائب الكريم كم عدد المواطنين الذين لا يسدّدون فواتير الكهرباء، وفي أي مناطق هم؟!
هل يعلم النائب الكريم أنّ رؤوس أموال البنوك والأرباح موجودة في لبنان وليس في أي مكان آخر من العالم؟!
هل يعلم النائب كم وكم من المسؤولين والنواب يحوّلون أموالهم الى الخارج؟!
وهل يعلم النائب الكريم أنّ جمعية المصارف تبرّعت أول من أمس بالذات بمبلغ ثلاثة ملايين دولار من أجل تحسين أوضاع السجون؟