IMLebanon

جعجع ما بين خطوط الرئاسة؟!

 

جاء برنامج  ترشح  رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى «رئاسة جمهورية قوية» بمستوى مواقفه المعلنة منذ وقت  طويل، الى حد القول انه لم يفاجئ من يعرفه وخطه السياسي الواضح المعالم، لاسيما بالنسبة الى وحدة سلاح الدولة من دون اي حسيب او شريك.

لقد سبق  لجعجع ان اعلن عن رغبته في الترشح للرئاسة فيما كانت ردود الفعل بمستوى الاجماع على ان الرجل يعرف ماذا يريد  والى اين يرغب في الوصول بمشروعه السياسي الشمولي  الذي كان لبعض الوقت  محل تساؤل نتيجة عدم استيعاب خطوة جعجع الذي قال كلمته ووقف عندها وتصرف من منطلقها السياسي والوطني الذي لا بد وان يكون احرج سواه ممن كان ولا يزال يتطلع الى قصر بعبدا، وكأنه غاية الغايات السياسية لدى اولئك المهتمين بالموقع.

صحيح  ان لبنان يمر في ظروف دقيقة وحرجة للغاية على امل ان تستعيد الجمهورية بريقها الرئاسي ومكانتها بفضل من بوسعه ان لا يكون مجرد وصي على الموقع، الامر الذي يجعل جعجع معترضا في انطلاقته على التهميش الذي اعترى موقع الرئاسة طويلا بفعل الوصاية، لاسيما  ان الرئيس السيادي القوي يعرف ما يقول كما يعرف من ان ينطلق في سعيه الى الرئاسة القوية، خصوصا اننا  في مرحلة من اخطر ما عاشه لبنان ماضيا وحاضرا.

لقد تضمن كلام جعجع ما يفهم منه ان «الازمة تحدونا الى القول ان اعمال  البعض عن دراية او غيرها تؤدي الى تقويض اسس الدولة وتهديد الكيان وتغيير وجه لبنان المشع»، وهذه العبارات القصد منها تحديد الطابع الوطني لما يهدف اليه جعجع بالنسبة الى مقتضيات تأمين دولة موجودة صاحبة قرار واحد يكفل للرئيس عدم تكريس امر واقع يزيل عوامل التحدي من وجه السلطة، ان لجهة الثوابت الوطنية «لان المرحلة التي نمر بها «لا تحتمل انصاف حلول ولا انصاف مواقف» او لجهة الواجب لتجنب عدم الخضوع للامر الواقع».

هذه الاستعارات من بيان جعجع تحمل دلالات على انه لن يكون مرشح نصف عمل ونصف قرار، بقدر ما يكفل استقلال لبنان الناجز في دولة تفرض سيادتها من خلال مؤسساتها الشرعية، ومن منطلق احترام الدستور والالتزام به نصا وروحا والحرص على تطبيقه «من دون استنساب اوفئوية، بما في ذلك تدوير الزوايا تحت اي مبرر كان».

ان ترشح جعجع جاء ليفاضل ما بينه وبين سواه من السياسيين الطارئين او الكلاسيكيين، وهذا ما عليه ان يدركه  من خلال منافسة يعرف تماما انها قد تكون اكبر منه لكثرة ما سيطاوله من انتقاد وتجريح، قياسا على ما هو معروف عنه، لاسيما ان بعض معارضيه بل جميع خصومه سيأخذون عليه سوابقه من ايام قيادته ميليشيا القوات اللبنانية، حتى وان كان المقصود راهنا من جانبه اعادة نظر شاملة بين الماضي والحاضر؟!

صحيح ان المؤسسات العسكرية والامنية التي اشار اليها جعجع من منطلق حديثه عن قدرة الدولة على معالجة الشوائب، ستكون كفيلة بالاصلاح على انواعه، ما يوفر انتظام عمل السلطة بالنسبة الى الاصلاح الاداري والامني والاقتصادي ما يعني ايضا ان لا مجال للاصلاح من دون خطوة اولى تكفل انجاز المهمة لحماية المجتمع من اية ثغرة مفتعلة لاسيما ان المرجو من الاصلاح الاقتصادي لن يتم الا من خلال الاصلاح السياسي ليس الا (…)

ان جعجع عرف كيف يختار كلامه بحذر وبدقة متناهية كونه يعرف انه سيكون مطالبا بكشف حساب قبل ان تبدأ ولايته، اضافة الى انه يتطلع الى ان يكون رئيسا يعرف المطلوب منه كما يدرك مسبقا انه لن يكون مرتاحا الى وضعه مهما تأثر به محيطه وكل من يؤيده في سعيه الى الرئاسة «لان الكلام على الشراكة يفرض عليه وعلى من معه ضرورة تطوير العمل السياسي والاداري على انواعه».

ومن ضمن ما اشار اليه جعجع «قوله انه يطمح الى وطن ودولة تحمي مواطنيها وترعى شؤونهم» وهو (جعجع) قد اختار تكبير حجر الرئاسة ليس للدلالة على انه يفهم المطلوب منه، بل للقول انه يعرف ما هو مطالب به قبل ان يصل الى الرئاسة وهي غاية الغايات بالنسبة اليه؟!

الذين يعرفون جعجع عن كثب يدركون صعوبة تنفيذ ما اتى على ذكره، فضلا عن انه سيكون مطالبا باجتراح المعجزات ليعرف مسبقا ان وصوله الى الرئاسة دونه صعوبات؟!