IMLebanon

جعجع وعون والصليب الرئاسي

إحدى عشرة جلسة نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية، والجمهورية رهينة مقطوعة الرأس بخنجر تكفيري.

العقدة المستفحلة الحلّ لا تزال هي هي، عقدة عون وجعجع… هذان النبِّيان اللذان من دونهما تتعطّل الأمة ويُخْتَتَمُ الرسل، وبعدهما تجفُّ أرحام النساء وتُقْفل صفحات التاريخ بالشمع الأحمر. واحد: يطرح مبادرة ليس أنا ولكن أنا… وآخر يقابله بالأنا واللاَّ أحد. وبين هذا وذاك، يظلّ لبنان مصلوباً بين الإثنين على خشبة الجلجلة.

مسلسل مسرحية طويلة متعددة الفصول على شاشة الأسود والأبيض إحتكر بطولتها جعجع وعون، ولا ندري ما إذا كانت خواتيمها ستوصلنا الى الآخرة الحميدة، أو الى آخرة العوَض بسلامتكم.

غير الموارنة في لبنان… يتفرجون على المشهد الماروني الساخر، منهم مَنْ هو ضالعٌ، ومنهم مَنْ هو منتفع، ومنهم من هو شامتٌ، ومنهم من هو مستخفّ بابتسامة صفراء.

والعالم الخارجي، يتطلّع الى القيادات المارونية في لبنان، على أنها حارسة النظام الديمقراطي، حريصة على صيغة لبنان الفريدة، أمينة على قيم الوطن الرسالة، تضطلع بمسؤولية القيادة المسيحية في لبنان ومنه الى منطقة الشرق الأوسط.

وفي ظل القيادات اللبنانية التاريخية المارونية، كنا نتباهى بالإنتساب الى الطائفة المارونية بما أعطت لبنان والعروبة من مآثر… وبما أضاءت من منائر… وبما أعلتْ من منابر الفكر والثقافة والأدب والوطنية والعلم والشعر. واليوم أصبحنا نتحاشى أشعة الشمس لنلجأ الى عتمة في الظلّ.

الرئيس إسم للجمهورية والمنصب لقبٌ لمسمّى والهوية أهمّ من الإسم، والمسمّى ثابت، واللقب معرض للتبديل.

أما أن يستمر العبث باللقب وصولاً الى محو الهوية من الذاكرة، فقد يؤول ذلك الى إطاحة المسمى نحو المجهول والضياع الوجودي.

المجهول والضمير المستتر تزداد موجات العنف والإنهيارات ويُفْتَقد الأمل بنهوض الوطن من السقطات الذريعة المتلاحقة وتنعدم ثقة الشباب الصاعد بمستقبلٍ في وطن مرتعش. ومع أن المجهولين معروفون، فقد يظل المعروفون مجهولين ويستمر مسلسل المأساة مع الضمير المستتر.

تحضرني هنا – والمشهد مماثل – أبياتٌ من قصيدة الشاعر ابراهيم طوقان في بعض قادة فلسطين حيث يقول:

أنتمُ المخلصونَ للوطنيَّهْ أنتمُ الحاملونَ عبْءَ القضيَّهْ

ما جَحَدْنا أفضالكُمْ غيرَ إِنَّا لم تَزلْ في نفسِنا أمنِيَّهْ

في يدينا بقيةٌ من بلادٍ فاستريحوا كي لا تطير البقيَّهْ