كتب عبد الأمير بيضون:
مع بداية نهاية العد العكسي لولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وتآكل «المهل الدستورية»، التي لم يبق منها سوى ثلاثة أيام لانتخاب رئيس جديد للجمهورية… ورغم زحمة الإتصالات والمشاورات واللقاءات السياسية في الداخل وفي الخارج، ومع الخارج، الهادفة الى إنقاذ الإستحقاق الرئاسي، فإن الأجواء الضبابية ما تزال هي السمة الغالبة والطاغية على المشهد… وما دون ذلك، ليس سوى شعارات وتمنيات لن تفضي الى أية نتائج إيجابية ملموسة… ووفق التوقعات المتداولة، ورغم الدعوات المحلية والأميركية لتفادي الفراغ وانتخاب رئيس، فإن الواضح، إن جلسة غد الخميس لن تؤدي الى إختيار أي من المرشحين المعلن منهم وغير المعلن.
وإذ يعد الرئيس ميشال سليمان نفسه للساعات المقبلة من إنتهاء ولايته، ويضع اللمسات الأخيرة على خطابه الوداعي الذي يتوجه به الى الرأي العام اللبناني والخارجي، فإن الأنظار تتجه الى مجلس النواب من جديد الذي يتحضر الى جلستين: واحدة اليوم الأربعاء لمناقشة مضمون رسالة رئيس الجمهورية حول الإستحقاق الرئاسي وضرورة إنتخاب رئيس جديد… والثانية، يوم غد الخميس المقررة لانتخاب الرئيس، هذا إذا إكتمل النصاب وتراجع المقاطعون عن مقاطعتهم وحزموا أمرهم، وتظهرت الخيارات على غير ما حصل في الجلسة الأولى يوم 23 نيسان الماضي…
جلسة أو لا جلسة
والى ساعات متأخرة ليل أمس، فإن لا مؤشرات نافية لانعقاد جلسة اليوم… وقد ترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري ظهر أمس إجتماع كتلة «التنمية والتحرير» وجرى عرض أجواء جلستي مناقشة رسالة رئيس الجمهورية المتعلقة بالإستحقاق الرئاسي (اليوم الأربعاء) وانتخاب الرئيس المقررة غداً الخميس… وإذ تحفظت مصادر الكتلة عن الكشف عن أي معلومات إلا انها أكدت أن الكتلة ستحضر جلسة اليوم كما جلسة الغد، على غرار ما حصل في الجلسات السابقة، من غير أية ضمانات بأن «المقاطعين» سيعلقون مقاطعتهم ويحضرون… وإن كانت مصادر مقربة من عين التينة أكدت «ان التفاهم والتوافق على إسم شخصية (لرئاسة الجمهورية) ترضي جميع الأفرقاء اللبنانيين هو السبيل الوحيد لإنجاز ملف الإنتخابات الرئاسية والخروج بلبنان من دائرة المراوحة وسياسة «المد والجزر…».
عون ليس مرشحاً توافقياً
وفي هذا، فقد أكد مصدر نيابي في 14 آذار لـ «الشرق» ان نواب هذا الفريق ذاهبون الى جلسة (يوم غد) الخميس لانتخاب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع… وندعو الى محاسبة كل نائب يقاطع جلسات إنتخاب الرئيس في الإنتخابات النيابية المقبلة…» لافتة الى «ان الحديث عن رئيس توافقي، هو مجرد كلام، ولكي يصبح توافقياً يتطلب الإجماع عليه من الإفرقاء كافة…».
وبسؤال المصدر عما إذا كان الجنرال عون هو رجل «توافقي» قال: إنه إذا أراد عون ان يكون توافقياً فعليه أن ينسق، مع كل أفرقاء 14 آذار وان يتم الوصول الى إتفاق سياسي على ثوابت 14 آذار… إذا لا يمكن ان نذهب الى إنتخاب شخص بعيد عن هذه الثوابت..».
جنبلاط يطلع بري على اجواء باريس
وعلى الرغم من حال الغموض والبلبلة التي سادت على مدى الايام الماضية، فان الانظار ما تزال مشدودة الى الخارج، للوقوف على حقيقة ما آلت اليه اللقاءات والاتصالات … لاسيما لقاءات باريس التي ادرجتها «اوساط سياسية» تحت عنوان «تقويم المرحلة وكيفية ادارة الفراغ وخطة مواجهته…»
وفي هذا، فقد استقبل الرئيس نبيه بري في دارته في عين التينة الوزير وائل ابو فاعور، موفدا من رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط واطلعه على اجواء اللقاءات التي تمت في باريس…
وبحسب مصادر الفريقين، فانه من السابق لاوانه الحديث عن نتائج عملية على ارض الواقع …
حضور الجلسة … قراءات ومواقف
واذا كانت غالبية الافرقاء تتجه الى حضور جلسة اليوم او اقله الحضور الى المجلس من دون الدخول الى القاعة على نحو ما هو متوقع من نواب «حزب الله» الا ان السيناريوات المرسومة لجلسة يوم غد الخميس لن تخالف الواقع ما دام الاستحقاق الرئاسي يدور في فلك «توافق القادة الموارنة» اولا، والتوافق الوطني ثانيا… هذا مع العلم، ان اوساطا مطلعة اشارت الى ان الجنرال عون لا يزال يعول على جواب نهائي من الرئيس سعد الحريري حول تبني ترشيحه، خصوصا وان الاخير اعلن ان لا فيتوات لديه على اي اسم… رغم التحفظات التي تبديها «القوات اللبنانية» والتي تؤكد ان عون ليس مرشحا توافقيا ما دام لم يعلن براءته من الفريق الاخر … «وان الكرة هي في مرماه … وان التمسك بعون كمرشح توافقي هو بمثابة دعوة الى الفراغ في رئاسة الجمهورية ….».
وتأتي هذه المواقف والتطورات متقاطعة مع حركة الاتصالات والموفدين من بكركي الى بعض «القادة الموارنة»، حاملين رسائل من البطريرك الراعي «تتضمن دعوات لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء المهلة الدستورية» على خلفية انه «من غير المسموح ان يتعود اللبنانيون على الفراغ في سدة الرئاسة الاولى ولو ليوم واحد…. نسبة لمخاطره الجمة …»
لا حل بين الحريري وجعجع
وفي السياق ذاته، فقد اوضح نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ان «لقاءات باريس» بين الحريري وجعجع «لم تتوصل الى حل في شأن الاستحقاق الرئاسي» لاحقا، انطلاقا من ذلك الى «ان امكانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية في جلسة (يوم غد) الخميس ضئيلة».
مؤكدا «ان الانقسام وعدم الاتفاق على رئيس يجعل مصير الجلسة كسابقاتها … الا اذا رشحت قوى 8 اذار اسما عندها يصبح للانتخابات معنى…
واذا اعلن تمسك 14 اذار بترشح جعجع لفت الى ان «قرار تبني مرشح آخر سابق لاوانه … ويمكن ان تصل الامور في ما بعد الى تبني مرشح اخر …» هذا معل العلم ان كتلة «المستقبل» في اجتماعها الاسبوعي امس، جددت تمسكها بجعجع مرشحا لانتخابات رئاسة الجمهورية ودعت قوى 8 «لتسمية مرشحها…» مؤكدة ان «الشغور في موقع رئاسة الجمهورية مرفوض …»
من جهته قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي ان «المشهد سيتكرر … وان اعضاء الكتلة سيكونون داخل مكاتبهم في مجلس النواب، وفي حال توافرت لدينا معلومات ستشهد انتخابات جدية، وان حظوظ العماد عون بلغت المستوى المطلوب، عندها سندخل الى القاعة ونصوت…»
انتكاسة امنية في طرابلس
على المستوى الامني، فقد شهدت طرابلس اخطر انتكاسة تتعرض لها الخطة الامنية، منذ انطلاقتها، حيث تعرضت دورية مؤللة تابعة للجيش، في محلة التبانة (فجر امس) لاطلاق نار كثيف وقذائف صاروخية من قبل مسلحين، مصدرها المحلة المذكورة، على ما قال بيان قيادة الجيش، ما ادى الى اصابة 8 عسكريين بجروح.. «حيث ردت قوى الجيش على النار بالمثل وباشرت تنفيذ عمليات دهم واسعة لمصادر اطلاق النار وتعقب المعتدين لالقاء القبض عليهم…».