على رغم أنّ مبادرة رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون جاءت، حسب توصيف البعض، بمثابة حجر كبير رُمي في المياه الراكدة، فإنّ «البلوكاج» الذي يعيشه الوضع الداخلي نتيجة انسداد الافق في شأن الاستحقاق الرئاسي، سيدفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جولة مشاورات مع رؤساء الكتل النيابية حول ما يمكن اتخاذه من خطوات في شأن الاستحقاقين الداهمين الرئاسي والنيابي بعدما بدأت البلاد تقترب من مدار الانتخابات النيابية لأنّ ولاية المجلس الممددة تنتهي في 20 تشرين الثاني المقبل. وفي موقف لافت أقليميا دعا محسن رضائي، الأمين العام لمجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، الإيرانيين إلى الاستعداد لمواجهة الأحداث الجارية في سوريا والعراق، قائلا إن هناك «عاشوراء جديدة وكربلاء أخرى»،
وقال رضائي، في تصريحات نقلها موقعه الرسمي خلال زيارته إقليم أذربيجان الإيراني شمال غرب البلاد: «كونوا مستعدين، هناك عاشوراء أخرى وكربلاء جديدة في الأفق، ألا ترون رؤوس مسلم (بن عقيل ابن عم الحسين) وأصحابه على أسنّة الرماح في سوريا والعراق؟».
وأضاف رضائي: «يا إخوتي، كونوا على استعداد لما يبدو أنها كربلاء جديدة، القوافل تستعد للتحرك عند انطلاق صفارات الإنذار.. هذه المرة حكام إسرائيل الذين يريدون السيطرة على العالم الإسلامي قد باشروا حربهم.. هل يمكن لي ولكم أن نقف ونتفرج على هذه الجرائم؟ لا بد من فعل شيء ما، وإذا ما أصدر قائدنا الأمر بالتحرك فيجب أن تكونوا على استعداد».
الرئاسة والنيابة
وعلى الصعيد الداخلي، ظلّ الإستحقاقان الرئاسي والنيابي يتصدران الإهتمامات. وفي هذا الصدد قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لزوّاره مساء أمس إن لا شيء جديداً بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية وانّ جلسة اليوم، وهي الثامنة المخصصة لها، سيكون مصيرها كسابقاتها، ولا نتيجة متوقعة منها.
وأضاف: «امام الحائط المسدود الماثل، وبينما نُقبل على استحقاق الانتخابات النيابية، يبدو الوضع مغلقاً تماماً مثل الـ»بلوكاج»، لذلك افكر في إجراء مشاورات جانبية وإفرادية مع رؤساء الكتل النيابية والنواب المستقلين للبحث في سبل مواجهة الاستحقاقين الداهمين، أي رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية، ولا يمكننا البقاء مكتوفين امام الاستحقاق الرئاسي، كذلك لا يمكننا تجاوزه الى الاستحقاق النيابي لكي لا يقال إننا نهمل الاول. لذلك سأمنح نفسي 48 ساعة للتفكير والتشاور في ما يجب القيام به».
واكد بري «ان لا افكار مسبقة لديّ، لقد فكّرت في الدعوة الى حوار وطني فوجدت أن لا جدوى من إجراء مثل هذا الحوار حالياً، أولاً لأسباب أمنية لأنّ قادة لا يستطيعون الوصول الى مكان الحوار، وثانياً لأنّ الموقف غامض، وسأستعيض عن هذا الحوار بالتشاور لأننا في وضع حساس، فليس هناك، تقريباً، حكومة ولا مجلس النواب يجتمع، وليس لدينا رئيس جمهورية، مع التأكيد أنّ الاولوية تبقى لانتخاب الرئيس».
وعن الانتخابات النيابية أكد بري انه «مع إجرائها وفق القانون الحالي في حال لم يتم التوصّل الى قانون جديد»، ولم يستبعد في الوقت المتبقّي من ولاية المجلس «الاتفاق على قانون جديد اذا كانوا يريدون ذلك».
واشار الى انه أبلغ الى وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي زاره أمس الاوّل باحثاً في ما على وزارة الداخلية القيام به من ترتيبات لإجراء الانتخابات النيابية، انّ عليه ان يتصرف كوزير داخلية كما لو انّ الانتخابات ستجرى على اساس قانون الستين الحالي، وفي حال تمّ اقرار قانون بديل تجرى عندها هذه الانتخابات على اساسه».
وعن مبادرة عون قال بري: «لا أعتقد انّ العماد عون اطلقها لكي تنفّذ الآن، أولاً لأن المجلس ليس في دورة انعقاد عادية، وثانياً لأن الدورة العادية تبدأ في تشرين الاول المقبل، وبذلك نكون قد تجاوزنا موعد الانتخابات النيابية». وعندما قيل لبري: ماذا لو قدّمت حكومة سلام مشروع تعديل دستوري بما تضمّنته مبادرة عون؟ أجاب متسائلاً: «هل تفعل؟».
ولاحظ بري «انّ مبادرة عون لا يمكن النظر اليها بعدم اهتمام، أولاً لأنّ الرجل ذو حيثية مسيحية وسياسية ورئيس كتلة نيابية كبيرة وهو يعتبر نفسه اقوى الزعماء المسيحيين وأنّ من حقه ان يقدّم نفسه لرئاسة الجمهورية، ولكن المبادرة كما وصفها ايلي الفرزلي هي حجر كبير رُمي في مياه راكدة». ولم يشأ بري التعليق على مضمون مبادرة عون بالتفصيل، معتبراً «انّ الهدف منها هو سياسي اكثر منه دستوري».
آلان عون
وفي المواقف، قال عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون لـ«الجمهورية»: «انّ ردات الفعل على مبادرة التكتل هي غرائزية اكثر ممّا هي ردات فعل مسؤولة، فلا احد يناقش في مضمون المبادرة، وكأنّ هناك حالة رفض مسبق لأيّ شيء يمكن ان يخرج عنها، واستغرب كيف تصدر عن مسؤولين سياسيين ردّات فعل من نوع كهذا تتحدث عن انقلابات وخروج عن الدستور، علماً انّ المبادرة لا تحجز إرادة الناس، بل على العكس فإنّ جوهرها يرد الكرة الى ملعب الشعب اللبناني، لكن يبدو اننا امام طبقة سياسية تخاف رأيه وترفض الاحتكام اليه وتريد الإبقاء على قوانين تسرق ارادته بطريقة او بأخرى.
وكأنّ هناك اسطوانة تريد بقاء الجمود القائم ولا تريد تحرير الارادة السياسية، بدليل الخوف والهلع من العودة للاحتكام الى الشعب». وأضاف عون: «أعتقد انّ من يدّعي اليوم حرصه على المسيحيين يجب الّا يخاف من ان يكون لهم كلمة بهذا الشكل وان يكونوا وازنين في استحقاقاتهم، لكن يبدو انّ البعض يخشى ذلك ويعتبر انه يخسر شيئاً عملياً».
وعمّا اذا كان عون نسّق مبادرته مع بكركي سلفاً، أو تبلّغ اعتراضاً ما منها او تعليقاً؟ اجاب آلان عون: «طرحنا مبادرة ووضعناها في رسم جميع الاطراف بلا استثناء وبلا تنسيق مسبق، نحن نوجد حلولاً وما طرحناه هو موضوع يوازن بين الارادة الشعبية وبين التمثيل الطائفي الذي يجب المحافظة عليه».
وهل قطعت المبادرة الطريق على الحوار مع تيار «المستقبل»؟ أجاب: «نحن في حوار مع الجميع والحوار مع «المستقبل» مستمر ويجب ان يستمر، لكن بالنسبة الينا نحن لا نذهب الى الحوار معه و»شالحين تيابنا»، بل بما نملك من افكار واقتناعات ونُجري الحوار على هذا الاساس، ومن كان يتوقع انّ الحوار او الاتفاق مع «المستقبل» سيكون على حساب الاقتناعات هو مخطىء.
على العكس، نحن نتعاطى بإيجابية مع «المستقبل» ونقنعه بما هو لمصلحة لبنان والوحدة الوطنية، ونرى ان التمثيل الصحيح يخدم الشراكة الحقيقية والوحدة الوطنية، كذلك يخدم «المستقبل»، بدليل تجربة السنوات الماضية حيث ارتدّ عدم الشراكة سلباً على الجميع. ونعتبر انّ مبادرتنا لا تتعارض مع ما ناقشناه معاً، لأننا عندما نناقش فإنما نناقش انطلاقاً من اقتناعاتنا وليس من أيّ شيء آخر».
ووصفت مصادر قيادية وسطية لـ»الجمهورية» مبادرة عون بأنها «انقلاب» بكلّ المقاييس وتفتح الباب لنقاش سياسي مختلف يطاول تغيير بنية النظام السياسي برمّته. وأضافت: «لو كنّا نعيش اجواء سياسية عادية لكان طرح عون خلق توتراً كبيراً وسجالاً سياسياً صاخباً في البلد، ولكن بما اننا نمر في أوضاع امنية خطيرة وحساسة وَحّدت القوى السياسية، يمكن القول إنّ مفعول هذا الطرح جاء اقلّ ضرراً، فلا أحد يريد تفجير الوضع السياسي ولا مصلحة لأيّ جهة سياسية في ذلك. وبالتالي، فإنّ طرح عون لن يعدو كونه مادة سجالية تثير زوبعة كلام سياسي يبقى سقفه مضبوطاً». ورأت «انّ عون عملياً افتتح مرحلة فراغ طويلة قدّمها بصيغة مشروع».
الوضع الأمني
أمنياً، توعدت «كتائب عبد الله عزام»، «حزب الله» بـ«حلقات متتالية من الإرهاب تُنسيكم كل حلقة سابقتها، حتى يعود الأمن لأهلنا وأطفالنا في سوريا». ودعا الناطق باسمها الشيخ سراج الدين زريقات الحزب الى «الخروج من سوريا سريعاً وقبل فوات الأوان».
وطمأن وزير الداخلية اللبنانيين الى انّ الوضع الأمني «ممسوك»، مشدداً على «انّ الأجهزة الأمنية يقظة وحذرة وعلى تنسيق تام لإحباط العمليات الإرهابية، وأنّ ما حصل في الآونة الاخيرة خير دليل على فشلهم ويؤكد نجاح هذا التنسيق وهذه الجهوزية».
وكان المشنوق يتحدث بعد الإجتماع الدوري لمجلس الأمن المركزي الذي عقد في حضور قادة الأجهزة الأمنية باستثناء المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وتناول متابعة الخطة الامنية وملاحقة الشبكات الارهابية، واتخذت قرارات سرية في شأنها.
وقال احد المجتمعين لـ»الجمهورية» انهم عرضوا للتطورات الأمنية شمالاً وبقاعاً وفي الضاحية الجنوبية بما فيها «حرب الفنادق»، وفي النقاط الحدودية والمخيمات الفلسطينية وما شهدته بيروت ليل امس الأول من فلتان أمني استمرّ حتى الأمس وما رافقه من قطع طرق السفارة الكويتية ومحيطها.
واستمع المجتمعون الى تقارير أمنية لقيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي التي تحدّث مديرها العام اللواء ابراهيم بصبوص عن حجم التهديدات والأسباب التي دفعته الى اتخاذ الإجراءات الأمنية المشددة حول المقر العام للمديرية في منطقة السيار- اوتيل ديو، مؤكداً انه يتفهم حجم الأضرار اللاحقة بالمواطنين وسكان المنطقة، متمنياً ان تنتهي هذه المرحلة في أسرع وقت ممكن، داعياً المواطنين الى تفهّمها، ولافتاً الى بيان تفصيلي سيصدر عقب الإجتماع يحدد هذه الإجراءات وأهدافها واسبابها.
وتحدث بصبوص عن التدابير المتخذة في محيط سجن رومية منذ ايام، مؤكداً انّ التعليمات صدرت للتشدد فيها ابتداء من أمس، داعياً المواطنين الى تفهّمها نظراً الى مخاطرها.
واستمع المجتمعون الى تقرير حول حصيلة التحقيق مع الموقوف الفرنسي خلال دهم فندق «نابوليون» والموقوف السعودي في فندق «دي روي». وابلغ مدعي عام التمييز انّ التحقيقات القضائية مستمرة.
ورداً على سؤال حول حقيقة الحديث عن شاحنة مفخخة تحمل ثلاثة أطنان من المتفجرات، قال مرجع أمني لـ»الجمهورية»: «لو كانت التهديدات محصورة بشاحنة من هذا النوع لكنّا منعنا الشاحنات من السير في المناطق المستهدفة، ومنها المقر العام لقوى الأمن الداخلي وغيره، لكنّ المعلومات المتوافرة لنا تتحدث عن سيارات مفخخة او دراجات نارية، او ربما عن انتحاريّين انغماسيّين يمكن ان يتسللوا الى مداخل المواقع الأمنية وأهدافهم أيّاً كانت، مدنية او عسكرية، وتفجير أنفسهم فيها».
اجتماع في السراي
وإذ تقرر في نهاية الإجتماع ان يطلع المشنوق رئيس الحكومة تمام سلام على حصيلة المعلومات والتوصيات، دعا سلام الى اجتماع وزاري – أمني طارىء بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي، ويضمّ اليه نائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع، ووزير الداخلية وقادة الأجهزة الأمنية لأنّ بعض الإجراءات التي اتفق عليها تحتاج الى قرارات حكومية ويجب تحديدها قبل جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً.
أمن الشمال
ولم تستبعد مصادر أمنية في الشمال أن تكون الحوادث الأمنية التي حصلت خلال الساعات الماضية مدبّرة بقصد توتير الجو اﻷمني في طرابلس بواسطة مواجهة بين الجيش ومجموعات تحرّض المواطنين في كل مرة تتحرك فيها القوى اﻷمنية لمواجهة أيّ أعمال مخلّة بالقانون. وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية» إنّ محاولتي الإعتداء على الجيش في محلة البقّار وتفجيرعبوّة بدورية له في منطقة القبة مترابطتان.
وكشفت أنّ مجموعات من اﻷهالي تحركت بنحو منظّم لمواجهة الجيش لدى توقيف أحد اﻷشخاص على خلفية رفع رايات إسلامية سود، وانّ المدعو علي قاسم هو مَن حرّكهم، وقد ارتبط اسمه بنائب شمالي ولكن يمكنه نقل البندقية من كتف الى آخر والعمل لمصلحة اي جهة تدفع له مالاً.
وتوقفت المصادر عند الهتافات التي رددها اﻷهالي، والتي وصفت الجيش بـ»جيش نوري المالكي» بعدما كان يوصف بـ»جيش اﻷسد» و»حزب الله»، وأدرجت ما يحصل في سياق التحريض المباشر على الجيش وتصويره مجدداً أنه يواجه السنّة في جوّ من التعاطف مع ما تقوم به «داعش» في العراق.
ووسط هذا الجو، حصل تفجير العبوّة بدورية للجيش على رغم أنه، وبحسب المصادر اﻷمنية، لم يكن عملاً إرهابياً ناجحاً، إذ إنّ التفجير الذي حصل من بُعد تمّ بعدما كانت دورية الجيش قد تجاوزت مكان زرع العبوّة، الامر الذي حال دون حصول إصابات.
ودعت المصادر اﻷمنية الى مراقبة دقيقة للوضع في طرابلس التي نعمَت بهدوء لفترة من الزمن، ونبّهت من محاوﻻت استدراج المدينة الى مواجهات ﻻ تحمد عقباها، خصوصاً أنّ مجموعات صغيرة متطرفة «تُشرى وتباع» هي التي تحاول القيام بها.
ملف الجامعة لن يمر
على صعيد آخر، جددت مصادر وزارية مطلعة التأكيد انه ليس هناك أي تفاهم يمكن ان يؤدي الى بتّ ملف الجامعة اللبنانية بتعيين العمداء وتفريغ الأساتذة في جلسة مجلس الوزراء غداً، لأنّ ايّ تفاهم شامل لم يتحقق بعد.
وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية» إنّ الحديث عن تفاهمات جانبية يعقدها وزير التربية الياس بو صعب مع هذا الطرف او ذاك لم تشمل بعد جميع الأطراف الممثلة في الحكومة، وانّ الأمر لا يمكن ان يبتّ بتفاهمات ثنائية.
وأضافت: انّ الحديث عن تفاهم شامل يؤدي الى تثبيت ملفات أساتذة الجامعة «بالحجم المطروح» أمر غير ممكن، فهناك لوائح تمّ التلاعب بها وعلى مَن يودّ طرح هذا الموضوع ان يتقدم بجردة حول مدى انسجام الأسماء المطروحة مع المواصفات التي تحمي صدقية الجامعة لكي تحافظ على المستويين الأكاديمي والتربوي. واكّدت رفضها اعتماد الحصص المذهبية والسياسية بعيداً من المواصفات المطلوبة، لأنّ في ذلك ما يهدد مستوى بعض فروع الجامعة.
ونَفت المصادر وجود من يقدر على طرح ملف بهذا الحجم من خارج جدول الأعمال ببنوده الـ 117، أيّاً كانت الظروف التي تفرض البتّ بهذا الملف الحيوي.
انفجار كاربور في سهيلة
وليلا سمع دوي انفجار في منطقة السهيلة تبين أنه ناتج عن انفجار مادة «كاربور» في جورة صحية، إلا أن الأضرار المادية التي خلفها كانت جسيمة من دون تسجيل أي إصابات بشرية، وعلى الفور هرعت فرق الدفاع المدني والصليب الأحمر إلى مكان الحادث، كما أجرت القوى الأمنية تحقيقاتها.