IMLebanon

جمهورية شاهدة.. وشهيدة!

قالت شريحة من السوريين المقيمين في لبنان كلمتها، متوجهة إلى سفارة بلادها للتصويت لولاية ثالثة لبشار الأسد، من دون أن تثنيها المعارك الضارية الواقعة في سوريا، ولا الأوضاع الإنسانية والمعيشية المزرية التي تعيشها في لبنان، والتي تحمّل البلد الشقيق فوق طاقته سياسياً ومعيشياً… في حين عجز من انتخبهم الشعب اللبناني لتمثيله وإئتمنهم على الدستور، وعلى أعرق نظام ديمقراطي عربي في تأمين نصاب لانتخاب رئيس لجمهورية تعيش حتى الساعة حالة من السلم، بالرغم من كل التحديات المحيطة، والأعباء الملقاة على ساحتها، والتدخلات اللامتناهية المحلية والإقليمية!

إن صورة الآلاف متجهين نحو السفارة السورية في اليرزة، من دون أية إجراءات أمنية أو مواكبة رسمية تفادياً لأزمة السير الخانقة التي تسببوا بها، عن قصد أو غير قصد، إنما تعبّر عن وقوع الدولة اللبنانية في رمال العجز المتحركة.. فالكرسي الرئاسي شاغر، والمجلس النيابي الذي مدّد لنفسه خوفاً من الفراغ بات رمزاً للفراغ والتعطيل، والحكومة التي تتجه إليها كل الأنظار في محاولة لسد جزء من هذا الفراغ، كانت غائبة عن السمع، واكتفت الوزارات المعنية بدور «شاهد ما شافش حاجة»!

بغض النظر عن الأهداف الحقيقية وراء هذا التحرّك، سواء كان عرض عضلات للنظام وجماعته، أم رسالة للبنانيين الذين فتحوا بيوتهم، وتقاسموا لقمة العيش مع النازحين، وتحملوا أكثر من طاقتهم، وباتوا يشاركونهم خيرات بلدهم القليلة، مع ما يتجاوز المليون سوري مسجل، والضعف غير المسجل، وبالتالي غير القانوني، فلا بدّ أن تشكّل هذه الصورة صدمة وعي للحكومة والأجهزة الأمنية للإسراع في تفعيل اللجنة الوزارية المختصة بشؤون اللاجئين، وإقامة مخيمات، اسوة بسائر البلاد المتحضرة، والتي ضمنت حصرهم بغية تأمين الخدمات اللازمة، واستدراج المساعدات الدولية ومنع أية أعمال شغب لتوريطهم في نشاطات سياسية، تهدد امن البلد المضيف واستقراره.

إن ما شاهدناه أمس الأوّل يطرح علامة استفهام كبيرة حول قضية اللاجئين، وخطورة اندساس طابور خامس بينهم، يضرب أمن لبنان الاجتماعي، بعدما ضرب أمنه الاقتصادي والمعيشي.

فهل حان الوقت ليستردّ اللبنانيون الوكالات التي اعطوها لنوابهم، ويستعيدوا زمام المبادرة ويقوّموا الديمقراطية المشوهة وينتخبوا رئيسهم بأنفسهم، بعدما أثبتت الطبقة السياسية الحالية عجزها عن التوافق، وكررت الديمقراطية التمثيلية عقمها في استيلاد رئيس للبلد، وغلب تمثيل المصالح والصفقات على تمثيل المصلحة الوطنية العليا؟!