عام 2003 جمع غسان تويني عدداً من مقالاته في كتاب اختار له عنواناً هو “الجمهورية في اجازة”. لعله كان يقصد عامذاك غياب الانتظام العام للحياة الديموقراطية في ظل الوصاية وتراجع دور المؤسسات، واضمحلال القيم المجتمعية والسياسية الديموقراطية التي قام عليها لبنان. ولعله، ايضا وخصوصا، كان يستشرف ما ستؤول اليه اوضاع الجمهورية في 2007 و2008، كما في 2014.
كان خوف غسان تويني في محله، ولعل في رحيله قبل الفراغ الذي نعيشه مع الشغور في موقع الرئاسة الاولى، وتعثر عمل السلطتين الأخريين، رحمة له، اذ يكفيه ما عاناه بعد اغتيال جبران تويني، وسمير قصير، ومحاولة اغتيال رفيق عمره مروان حماده، وحزنه الشديد على آخرين أحبهم.
لا يمكن غسان تويني بعد كل هذه الخسائر القاصمة للظهر ان يشهد مجدداً على سقوط وطن، كتب له بكل جوارحه، بالحبر والسجن والدم، ودافع عنه في كل المنابر الاممية، وعمل له نائباً ووزيراً وباحثاً وموثقاً وناشطاً اجتماعياً في حقول الثقافة والادب والفن والتراث. كان يأمل ان تقود الذبائح والتقدمات والتضحيات الى زمن قيامة آمن بها وعاشها بكل جوارحه، وهو المؤمن الذي أعانه ايمانه على تحمّل النكبات.
اليوم يفتقد صوت غسان تويني، اذ بدأ الآخرون يتقبلون حال الشغور، كأنها قدر لا يمكن رده، وهو امر لم يكن ليسلّم به عميد “النهار” او يستسلم له.
اليوم بعد سنتين على الغياب، نتلمّس الفراغ الذي خلّفه عندما رحل في هدوء الليل، وقد خانه جسده المتعب قبل طلوع الفجر، ليرحل، تاركا وراءه “جمهورية في اجازة”.