افسح الشغور الرئاسي للنائب وليد جنبلاط فرصة مفروضة بفعل التقاطعات الدولية للعمل بكل قواه من اجل تكبير الحجارة في درب العماد ميشال عون نحو القصر الرئاسي، وعلى قاعدة تسهيل الحوار المعتمدة من قبل وزيره المفضل وائل ابو فاعور الذي ان حلّ يوما في دارة عين التينة من الشهر الفائت وصاعدا الا ويكون ثالثهما ميشال عون على حدّ قول مصادر متابعة للايقاع الجنبلاطي بفعل «الاولوية» المعتمدة من قبل جنبلاط على الانفتاح والعمل الجدي من اجله بين الرئيس نبيه بري وحزب الله وتيار المستقبل ويعي جيدا جنبلاط ان الوقت لمصلحته بعد ان تلمس المدة الفاصلة والبعيدة لانتخاب رئىس جديد للجمهورية.
حتى الساعة تؤكد المصادر ان لا شيء تحقق في العملية التي يدأب جنبلاط على اجتراحها من اجل تقريب المسافات بين «تيار المستقبل» والثنائي الشيعي على خلفية الاستحقاق الرئاسي بشكل حصري ويأخذ بدربه مسألة الانفتاح واعادة جسور الحوار بين الافرقاء، وبالرغم من معرفة الزعيم الدرزي بالصعوبات الموضوعة بين يديه لارتباطها بقرارات ما وراء الحدود تضيف المصادر نفسها، الا انه يمهد في الوقت الضائع هذا التقارب ريثما يحين موعد القطاف في الاشهر المقبلة وبعد انقشاع الرؤية الاقليمية ابتداء من سوريا الى العراق وايران والسعودية فالوقت كما تقول هذه المصادر زمن مستقطع بالنسبة لجنبلاط فيما هو يشكل اولويات كبرى لدى الدول وصناع القرار ويتم التعويل على هذا الوقت الثمين الى حين الجلوس الى الطاولة وتقسيم النفوذ الا ان جنبلاط ولأسباب ذاتية وشخصية لا يستسيغ وصول عون الى الرئاسة فالاخير يشكل عقدة للجبل الذي يتحكم به جنبلاط بنوابه ووزرائه ومهجريه ولا يريد قسمة هذا النفوذ مع اي كان باستثناء رجال الدين الكبار الذين لديهم اجندات دينية لا تحد من تطلعات جنبلاط على ابواب التغيير الكبير الحاصل في الشرق الاوسط، الا ان هذه المصادر تتحدث عن هذا المسعى ومدى نجاحه وفق المعطيات الآتية:
اولا: لا يغير الرئيس نبيه بري حضور ابو فاعور او غيره الى مقره والتحخدث عن الوحدة الوطنية وضرورة التقارب بين جميع الاحزاب والتيارات تحسبا للفتنة التي تدق الابواب الا ان رئىس المجلس النيابي وتحت هذه اللافتة يمكنه تمرير بعض التجاوب مع جنبلاط واذا تمت معاقبته على هذا الامر فجوابه السريع ان حليف حليفنا الجنرال عون ذهب الى باريس وفتح قنوات اتصال مع تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري وسبقنا الى مساعي التقارب ولم نفتح افواهنا ولم نعتب او نتكدر وبالتالي فان محاولات جنبلاط حسب المصادر نفسها يمكن ان تدغدغ شعور الرجل القوي في الجمهورية نبيه بري لجهة النتيجة المزدوجة لهذا التقارب المرتقب ويشكل درباً يمكن الاستدلال من خلالها لرفع «الحرمان» عن رئيس المجلس في مسألة تأييد ترشيح العماد ميشال عون دون ان تكون له «الحركشة» المباشرة بفعل سهولة رميها على الواقع القائم ومستجداته في الايام المقبلة وبالتالي وضعها في خانة التقارب مع الحريري، اما في الوقت الحالي ووفق مدى جدية منسوب النجاح الجنبلاطي في هذا المسعى فان امكانية «تكاثر» الارانب في جيوب ابو مصطفى سوف ترتفع.
ثانيا: تلاحظ هذه المصادر ان مختلف الشرائح المسيحية باستثناء بعضا لاحزاب تبدي انزعاجها من محاولة جنبلاط المتكررة لفرض رئيس ماروني من قبله على خلفية عدائه مع عون او الدكتور سمير جعجع، وهذا الانزعاج ناتج من الغبن اللاحق بالرئاسة تحديداً وكأن المسيحيين لا تكفيهم هذه المصيبة التاريخية الا بفرض رئيس لا يعبر عن تأييد وتطلعات المجتمع المسيحي ككل والادق تعبيراً هو ان تختار اصغر طائفة في لبنان رئيسا مارونيا تشكل طائفته العدد الثالث من حيث التراتبية الطائفية في البلد، وتقول هذه المصادر لأن بعض الاطراف المسيحية ليست منزعجة فحسب بل تبدي يأسها من هذا الزمن المسيحي الذي ساهم في مثل هذه الخيارات، وهذا الزمن كان من صنع ايد مسيحية الا ان رخاوة النواب المسيحيين في الجبل سمحت لجنبلاط بالتعاطي معهم بهذه القوطبة دون اي تفسير عملاني او واقعي لهذا الانحدار في مسألة خيارات المجتمع المسيحي ككل وليس الموارنة فقط.
ثالثاً: يمكن لمبادرة جنبلاط نحو الثنائي الشيعي ان تلقى بعض الصدى لدى بعض الاحزاب المسيحية ولكن ليس على خلفية الاقرار بقوة جنبلاط والتسليم بمشيئته انما وفقاً للتشرذم القائم داخل الاحزاب والتيارات المسيحية والتي فتحت منفذاً وباباً كبيراً للتدخل في ادنى خياراتهم فكيف اذا كانت رئاسة الجمهورية ولا تبدي هذه المصادر في حديثها عن جنبلاط ميلا نحو الكراهية لاحد بمقدار عدم تدخل المسيحيين في الشأن الدرزي ولو لمرة واحدة بالرغم من حتمية موقع الرئاسة الوطني سوى كون ترميزها مسيحياً مارونياً بامتياز، وتستبعد المصادر ان يكون هناك مهللون للفعل الجنبلاطي على الساحة المسيحية لتضعه في خانة ادنى وهو ارتياح البعض لعرقلة وصول عون الى الرئاسة الاولى.
مصادر التيار الوطني الحر رأت ان عمل جنبلاط مكشوف ليس من الآن انما قبل الشغور الرئاسي بأشهر الا انها تبدي عدم قلقها مما يجري مع الثنائي الشيعي من قبل النائب وليد جنبلاط الذي عليه ان يحاول وعلى المتلقي ان يبدي رأيه بصراحة متناهية في هذا الشأن وهي غير غافلة عما يحاك ولكن جنبلاط نفسه يعرف ان الحياكة الدقيقة لن تكون من صنع يديه بل لاصحاب المهنة الحقيقيين الذين يعرفون كيف تتمع عملية انتقاء الخيط الاسود من الابيض.