IMLebanon

جنبلاط يحشد سياسياً لمواجهة «داعش» وسامي ونديم الجميّل يحشدان ضدّ بعضهما على الرقعة الكتائبيّة

عندما حاول المؤرخ اللبناني الكبير فيليب حتي كتابة تاريخ لبنان فوجئ بأن كل ما اطلع عليه من وثائق تاريخية ووقائع جغرافية، لا تؤمن له تأريخاً اكاديمياً بعيداً عن التحريف، بسبب ضياع الجغرافيا الحقيقية للبلد الكبير احياناً والصغير احياناً أخرى، بفعل الظروف الاقليمية التي كانت تملي في حقائب تاريخية تمدّد الجغرافيا اللبنانية او انحسارها، ففي عهد الامير فخر الدين المعني الثاني الكبير امتدت الخارطة اللبنانية من صفد في فلسطين وحتى حدود حماه في سوريا، الا انها انحسرت لتصبح متصرفية جبل لبنان، فما كان من المؤرخ حتي الا ان استبدل كتابة تاريخ لبنان بكتابه المعروف «لبنان في التاريخ»، وفق الاوساط المواكبة لمسيرة البلد التاريخية، كون «جبل لبنان» الذي احتضن الموارنة والدروز تحول الى جمهورية لبنان الكبير بحدوده الحالية التي وضعها الجنرال غورو بشطحة قلم، واذا كان لبنان بحدوده المعترف بها دولياً لم يكن مطمئناً لمكوناته ونسيجه الاجتماعي حيث انقسم سكانه بين المتطلعين الى الغرب وبين المطالبين بالعروبة، الا ان لبنان غورو «بات ضرورة يجب الحفاظ عليها وفق الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط في زمن «داعش» والوحش التكفيري حيث يتابع الجولات لشد العصب الدرزي في زمن المتغيرات الكبرى.

وتقول الاوساط ان الدروز بمختلف انتماءاتهم السياسية سرعان ما يتوحدون في المحن المصيرية فكيف اذا كان الامر يتعلق بالخطر الوجودي. والدليل على ذلك ان المير طلال ارسلان، كان في طليعة مستقبلي جنبلاط في بيصور، بينما ما يحصل في زمن «داعش» لم يستدعِ من الاقطاب الموارنة القليل من التوحد وشد العصب الماروني، بل الى مزيد من الخلافات فكيف اذا كانت المرحلة تتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية، وربما هذا التشرذم يعيد الى الاذهان توصيف المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي الذي عايش احداث 1860 في الجبل للموارنة والدروز.

وتضيف الاوساط انه فيما كان جنبلاط وارسلان في الاول من امس يكرسان مزيداً من الوحدة الدرزية فانه بموازاة ذلك احيت «مؤسسة بشير الجميّل» الذكرى 32 لانتخابه رئيساً وتحت شعار «جمهورية لا تعرف الخوف» القى فيها النائب نديم الجميل كلمة اشار فيها الى ان «الجمهورية ليست بخير»، ولعل اللافت ان التشرذم الماروني ليس على صعيد صراع الاقطاب بدا ساطعاً، بل على صعيد الاحزاب والتيارات المسيحية، فاذا كان «التيار الوطني الحر» يعيش على بركان من التجاذبات بين مؤيديه فان الامر ينطبق على الواقع الكتائبي وفق اوساط كتائبية مطلعة، حيث برز في المناسبة غياب النائب سامي الجميل عن المشاركة في احياء الذكرى على خلفية الصراع القاسي بين «فتيا الكتائب» الجُميْليين، حيث بات الامر مكشوفاً علانية لا سيما بعدما استبعد سامي احدى المرشحات لاشغال مركز عمدة احدى الكليات في الجامعة اللبنانية كونها محسوبة على نديم بموازاة الحضور النوعي لحزب «القوات اللبنانية» من الكوادر المقربة جداً من الدكتور سمير جعجع الذي مثله في الاحتفال النائب فادي كرم.

وتقول الاوساط ان نديم كتائبي البطاقة قواتي الهوى، في وقت يعمل فيه سامي على محاولة فتح ثغرة في الجدار البرتقالي للتأسيس لتحالف في البترون يضم الوزير جبران باسيل والنائب سامر سعادة، كما انه ابلغ الرئيس سعد الحريري ان الكتائب توافق على التمديد للمجلس النيابي شرط ان يعطى الحزب حصة اكبر في المناطق السنية المحسوبة على «تيار المستقبل» في الانتخابات المقبلة، علماً ان مصير البلد على كف عفريت، وفي الوقت الذي يحشد جنبلاط سياسياً لمواجهة «داعش» فان النائبين الجميليين يحشدان ضد بعضهما على الرقعة الكتائبية وعلى الرقعة المسيحية عموماً.