IMLebanon

جيشنا يُقاتل باللحم الحيّ

لم يحصل في تاريخ لبنان، نشوء تيار على مساحة الوطن كله، جمع مئات الالوف من اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، رغم ان الاكثرية الساحقة من قاعدته الشعبية، هم من المسلمين، السنّة، مثل تيار المستقبل، تميّز بشعارين اثنين، الاول رفعه زعيم التيار وراعيه الشهيد رفيق الحريري، بقوله الجملة المعروفة «ما في حدا اكبر من وطنه»، والثاني رفعه نجله سعد الدين الحريري عندما اكد ان «لبنان اولاً وأخيراً» وكثر، هم الذين استبشروا خيراً بأن تيار المستقبل باعتداله الديني، وبما يختزنه من وطنية، سيكون قادراً على جمع الطائفة السنيّة بكاملها، تحت سقف الوطن ومؤسساته، بمن فيها الفريق الصغير من السنّة، المتأثر تاريخياً بالفكر الأصولي القائم على جملة مفاهيم مغلوطة، اهمها، نصرة الأخ السنّي، ظالماً كان أم مظلوماً، واللجوء الى القوة الجاهلية العمياء في تحقيق هذه «النصرة» حتى ولو كانت احياناً كثيرة تطول السنّة الذين يرفضون هذه المفاهيم، البعيدة عن روح الدين اولاً، وغير المقبولة في القرن الواحد والعشرين.

ولكن المؤسف ان اصحاب الغايات والاهداف غير الاسلامية وغير الوطنية، وهم في معظمهم من غير اللبنانيين، كانوا وما زالوا يستغّلون هذه اللّوثة التكفيرية لدى هؤلاء، على مدى عقود من الزمن، ما صعّب الى حد بعيد مهمة تيار المستقبل في صهر الطائفة على قاعدة الاعتدال والتفكير وطنياً وقبول الآخر، الموجود في الحكم وخارج الحكم، بدلاً من الانغلاق والتفكير مذهبياً، والكل يذكر معارضة المسلمين السنّة قيام دولة لبنان الكبير «ذات الوجه المسيحي» في العشرينات، واحداث العام 1958، على خلفية المناداة بضم لبنان الى وحدة مصر وسوريا، ثم حمل راية اللاجئين الفلسطينيين «السنّة» وجرّ لبنان الى حرب ضروس، اعتباراً من العام 1969، ومسارعة عدد من الضباط السنّة الى الانشقاق عن الجيش مع بداية الاحداث في العام 1975 وبعده، مثل احمد الخطيب واحمد البوتاري، والمعماري وسكريّة وغيرهم، وهي الخطة ذاتها المتّبعة اليوم لشقّ الجيش، وشلّ فاعليته خدمة لتنظيمات ارهابية تكفيرية، فقط لأنهم من اهل السنّة، حتى ان الشيخ الشهّال مؤسس الحركة الاصولية السنّية أفتى بتحريم القتال الى جانب الجيش اللبناني، وكأنه بهذا التفكير المريض يقدّم خدمة للطائفة السنيّة.

* * * *

يقول المثل، «من يخفِ علّته… مات فيها» ولذلك اصبح من الضروري اعتماد الصراحة في قول الحقيقة، والحقيقة ان هناك موتورين او اصحاب مصلحة، يجرّون السنّة الى مواجهة مع الجيش والقوى الأمنية اولاً ومع شركائهم في الوطن ثانياً، وهم يحفرون قبورهم مع حفرهم قبر الوطن والعيش المشترك، خصوصاً ان جميع قادة التنظيمات التكفيرية هم غير لبنانيين، ولا يهمهم لبنان في شيء، سوى انه مسرح قتل وذبح واغتصاب وتشريد، وان لم تطلهم اليوم فستطولهم غداً، مع ان خلاص اللبنانيين عموماً والسنّة خصوصاً هو بدعم الجيش ضد الارهاب والزمر المسلّحة، كما قال سعد الحريري، وان تيار المستقبل سيكون ظهيراً سياسياً قوياً للجيش والدولة، علماً بأن الحريري اكّد ان موقفه من رفض مشاركة حزب الله في القتال في سوريا ثابت وقائم، وانه لن يستدرج الى قبول هذه المشاركة، تحت اي ذريعة، وكأنه بذلك يرد على النائب وليد جنبلاط دون ان يسمّيه.

المتدّين الحقيقي، لا يطعن الجيش في ظهره، لمصلحة الغريب، حتى ولو كان من مذهب واحد.

الخطر الداعشي آتٍ… وان لم يتوحّد الجميع وراء الجيش للدفاع عن لبنان، بدلاً من التوحّد وراء مصلحة هذا النظام او تلك الدولة، فداعش سوف يسحق الجميع.

جيشنا يقاتل باللحم الحيّ، ليدافع عن الشعب والدولة والنظام، لكن بعض الشعب له حسابات اخرى، والدولة غائبة حتى عن تسليحه، والجيش والوطن وابناء الغد، يستحقون نظاماً افضل بكثير من هذا النظام.