IMLebanon

حتى الآن عون ليس وفاقياً

انتهت الجولة الاولى من الاستحقاق الرئاسي بحصر المبارزة بين مرشح قوى ١٤ آذار والورقة البيضاء. ولولا تقديم كتلة “اللقاء الديموقراطي” مرشحها النائب هنري حلو لكانت الورقة البيضاء او “المرشح الشبح” كما سماه احد وجوه ٨ آذار، سيدة الموقف، باعتماد طريقة جديدة في نهج التعطيل. فالمرشح “الشبح” هو الجنرال ميشال عون في مواجهة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، والاثنان كانا في الحلبة البارحة. واذا كان معلوماً سلفاً ان لا رئيس يوم أمس، فما الذي دفع الجنرال عون الى اعتماد هذا الاسلوب الغريب بالترشح على هيئة “شبح”؟
قيل الكثير في هذا الموضوع، أهمه قول صاحب العلاقة إنه لا يرغب في ان يتبارز مع احد، وإنه يعتبر نفسه مرشحاً وفاقياً يأتي على أساس تسوية لا معركة. ولكن بين أن يصنف عون نفسه مرشحاً وفاقياً وان يكون وفاقياً فعلاً، ثمة مسافة كبيرة لا يزال على عون ان يقطعها. وفي ظل وضوح موقع مرشح ١٤ آذار الحالي سمير جعجع الذي تقدم ببرنامج تضمن افكاره، و تطلعاته، ورؤاه السياسية الى لبنان، بقي مرشح ٨ آذار الحقيقي ميشال عون صامتا حول افكاره “الرئاسية” و”الوفاقية”. وحتى الآن لا احد يعرف تماما على اي قاعدة يقدم عون نفسه مرشح وفاق، او تسوية؟
ما هي الخطوات التي اقدم عليها رئيس “التيار الوطني الحر” ومكّنته من ان ينقل تصنيفه من فريق متحزب لـ”حزب الله” وبقية مكونات ٨ آذار مدى ثماني سنوات؟ حتى لا معطيات موضوعية يمكن من خلالها استشفاف “وفاقية” عون، او وسطيته، او صفة التسووي على مستوى انتخابات الرئاسة. فهل اعاد المرشح عون تموضعه في السياسة؟ وهل ان تعليقه لمسار التراشق السياسي و الاعلامي مع قوى ١٤ آذار ما خلا القوات اللبنانية جعله مرشحاً وفاقياً لولاية رئاسية من ست سنوات؟ وهل ان فتحه قنوات التواصل مع “تيار المستقبل”، ولقاءه الرئيس سعد الحريري، والرسائل التي بعث بها الى النائب وليد جنبلاط جعلته مرشح الوفاق؟ وهل ابتعد عن “حزب الله” و٨ آذار علناً واختار موقعاً في الوسط بينهم وبين قوى ١٤ آذار بما يجعله مرشح تسوية؟ وهل ان قنواته مع الاميركيين، واتصالاته غير المباشرة بالسعوديين ابعدته قليلاً عن حلفه مع محور طهران – قصر المهاجرين؟
ثمة اسئلة لا حصر لها. وثمة أجوبة ناقصة جداً بما يدفع الى الاعتقاد ان عون ليس وفاقياً بعد. واذا كان يشيع في أوساطه وبين القريبين منه انه فائز لا محالة بمنصب الرئاسة، فإن المعطيات المتوافرة، في جلّها، تشير الى ان المسافة لا تزال كبيرة بينه وبين الرئاسة. طبعاً لا احد يعرف ما الذي ستخبئه الايام المقبلة من المناورات السياسية، ولكن الصورة كما هي اليوم تشير الى ان الرئيس المقبل سيكون رئيس تسوية او يكون الفراغ الذي اختبر اللبنانيون احدى “بروفاته” البارحة في ساحة النجمة عندما سقطت في صندوقة الاقتراع اثنتان وخمسون ورقة بيضاء مثلت هذا الفراغ أكثر من اي شيء آخر.
تبقى مسألة أخيرة متعلقة بالحملة على مرشح ١٤ آذار، وجلّ ما يقال فيها إنها ذكرت اللبنانيين بنهج مرحلة الوصاية السورية ليس إلا.