IMLebanon

حتى لا تتحوّل «تأشيرات» السفر ملاذاً للبنانيين!

مِن نافل القول إنّ مسارعة الولايات المتحدة الأميركية إلى الإعلان عن تسريع تسليم المساعدات العسكرية إلى الجيش اللبناني، وقد وصلت طلائعُها بالفعل، وتأكيد فرنسا أنّها ستباشر تقديمَ المعدّات العسكرية تنفيذاً للهبة السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، إنّما هو تعبير عن التزام استمرار الحفاظ على «المظلة» التي لا يزال الموقف الدولي مُصرّاً على نشرها فوق لبنان.

تؤكّد مصادر أميركية «أنّ الأمر لن يتوقف عند هذا الحَدّ، بل هناك خطوات أخرى ستُستكمَل لاحقاً، وسط حديث عن زيارات مرتقبة لوفود عسكرية إلى بيروت». لكنّها تُحذّر في الوقت نفسه «من خطورة أن تتوحّد الساحة اللبنانية مع ما تشهده الساحات الأخرى، وأن يتحوّل النزاع فيها حرباً مفتوحة، ما لم يُستدرَك سياسياً ما يحصل على الأرض، بالمعنى العملي».

وتقول تلك المصادر إنّه «بعيداً من أخبار الميدان والحوادث الأمنية المتنقلة التي طرأت، منذ الهجوم على عناصر الجيش والقوى الأمنية في عرسال، وصولاً إلى التفجيرات التي طاولت مدينة طرابلس، فإنّ إصرار البعض على الإفادة من الإجماع الشعبي حول الجيش اللبناني، ومحاولة استثماره في مشاريع تُذكّر بما حصل في ساحات أخرى، خصوصاً في العراق، من شأنه أن يُطيح بهذا الإجماع، فيما لو انحدرت الأمور نحو تصوير ما يحصل بأنّه انتصار لطرَف على آخر، في هذا النزاع المذهبي الذي يقسّم المنطقة إلى معسكرين».

وتُشدّد هذه المصادر على أنّه «إذا كان الجميع مؤمناً بأنّ المؤسسة العسكرية هي الملاذ الأوّل والأخير، فمِن الأجدر باللبنانيين تحصينُها على قاعدة إنجاز سياسي يُعيد بناءَ المؤسسات الدستورية بما يضمن تحويلَ هذا الإجماع سلوكاً يُحيّد لبنانَ مجدّداً عن النيران المشتعلة حوله».

ويُثير عدد من المسؤولين الأميركيين أسئلةً جدّية جداً، بعد صدور مواقف توحي بأنّ مشاريع واتفاقات سياسية، بعضُها صار معلناً، تتداولها أطراف أساسية وفاعلة، وسط حملة تجييش وتعبئة تسعى إلى «شيطنة» الموقف الأميركي، عبر إلصاق تهمة «التواطؤ» مع الجماعات التكفيرية، فيما المقصود هو شيء آخر.

وتحدّث بعض المعلومات عن طلبات تسلّح لجماعات لبنانية من جماعات أخرى لديها باعٌ طويل في هذا المجال، وبدايات تغيير في الخطاب السياسي، عبر محاولة إضفاء أسباب تبريرية تغطي هذا التحوّل.

فالدفاع عن لحمةِ الجيش اللبناني لا يكون عبر تحويله جيشاً فئوياً، يُزَجّ به في معارك يحوم حولها كثير من الشبُهات، سواءٌ في توقيتها أو في سياقاتها الميدانية والسياسية.

وتضيف المصادر الأميركية «بأنّ الهجوم على ممثّل خط الاعتدال السنّي في لبنان، في الوقت الذي يعلن فيه عن تقديم طرَف إقليمي مساعدةً إضافية إلى الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، هو على تعارُض مع الطرف الإقليمي الآخر، لن يؤدّي إلّا إلى نتائج عكسية، ما قد يُمعن في توسيع الانقسام السياسي وتراصفِه مع الانقسام الأكبر الذي يخترق المنطقة».

وتُحذّر تلك المصادر من أنّ هذا السلوك من شأنه التسريع في تهشيم المظلّة الدولية، وتعطيل إمكان تأدية أيّ دور مساعد في مواجهة الإرهاب التكفيري الذي يشكو منه الجميع.

فالعراق في هذا المجال نموذج، حيث يعطّلُ الانقسام المذهبي فيه الجهودَ الدولية في مواجهة تنظيم «دولة الخلافة»، حين بدا أنّ هذه المشاركة ستكون في مواجهة فئة على حساب أخرى، في الوقت الذي تتوسَّع فيه عملية التطهير العرقي والمذهبي بنحوٍ غير مسبوق، من دون أن يتمكّن المجتمع الدولي من تقديم أيّ مساعدة مجدية، ما عدا تأشيرات الدخول والحقّ في الإقامة للذين هُجّروا.