IMLebanon

حرق علم “داعش ” …

ما أجمل هذا البلد عندما يتحمس عدد من ابنائه لانتقاد من أحرق علم “داعش” في الاشرفية، وكأن المسألة تكمن في حرق الأعلام، والصلبان، أو الكتابة على جدران الكنائس عبارات التهديد والوعيد، ثم ينبري من يرفع هذه التصرفات الانفعالية الغرائزية الى مصاف الخطر الإرهابي على الكيان اللبناني، وربما تعلو على جريمة ذبح الرقيب علي السيد حتى فصل رأسه عن جسده، في وقت تهدد “جبهة النصرة” و”الدولة الاسلامية” بذبح المزيد من العسكريين المخطوفين، إن لم يتم إطلاق عدد من الاسلاميين في سجن رومية. والمقايضة التي لم تحصل، رفعت منسوب التوترات والمزايدات وشغلت الرأي العام، من دون أن يكون لدى المزايدين أي اقتراح لحل أزمة العسكريين المخطوفين.

ولا بد من سؤال الذين رفعوا حادثة حرق علم “داعش” في ساحة ساسين الى مصاف الاعتداء السافر على الدين الاسلامي: هل كان الفتيان الذين احرقوه يستهدفون الإسلام، أم النزوع السياسي الإجرامي الذي يمثله هذا العلم ضد المسيحيين والمسلمين في آن واحد؟

إن تنظيماً يفاخر بقطع الاعناق وصلب الابرياء وبقر البطون والتهام القلوب، لا يشبه الاسلام في شيء، ولا علاقة للإسلام السمح به على الاطلاق، ولا يجوز له رفع شعار “لا إله إلا الله”، وعلى المعترضين على حرق العلم ان يبادروا الى الاعتراض على “داعش” واستعمالها اسم الله وممارساتها قبل أي شيء آخر.

إن حرق علم لمنظمة تتعاطى السياسة والحرب والجريمة، ليس جريمة، كونه لا يستهدف الإسلام من قريب أو بعيد، انه مجرد ردة فعل تعبيري على تنظيم يدعي الإسلام الذي هو منه براء. ان استخدام الدين وتوظيفه لارتكاب الجرائم والمعاصي هو الجريمة التي تستوجب الإدانة وتكفير المجرم من أعلى مراتب الدين الاسلامي وعلمائه وفقهائه.

ويتعاظم حجم الجريمة، جريمة الصمت على ذبح الشهيد الرقيب علي السيّد، في وقت ما زال التنظيمان الإرهابيان يحتفظان بالعسكريين المخطوفين الباقين لديهما، وفي الوقت عينه، بدأت خلاياهما النائمة بالاستيقاظ في مناطق لبنانية، ساعية الى إشعال فتنة مذهبية وطائفية. وإذا كانت التنظيمات الارهابية تعتقد أن بممارساتها في لبنان يمكن ان تقنع “حزب الله” بالتراجع عن الحرب التي يخوضها الى جانب النظام في سوريا، فإنها تكون ساذجة أو مكابرة أو لا تعرف “حزب الله” ولا النظام السوري. أما ذبح العسكريين المخطوفين فيشعل الحقد على “داعش” و”النصرة” ويفقدهما ما قد يكون لهما من رصيد هزيل لدى البعض ويعمّم الغضب والشعور بالانتقام ضدهما وقد يعود على اللاجئين السوريين في لبنان بأسوأ الشرور.

المطلوب خطة عاجلة لإعادة المخطوفين قبل فوات الأوان، وخطة أخرى لا تقل إلحاحاً لتفادي تكرار مأساة عرسال، ودعم كامل للجيش في حرب الإرهاب هذه التي تبدو نهايتها غير قريبة.